اسم الکتاب : التصوف - المنشأ والمصادر المؤلف : إحسان إلهي ظهير الجزء : 1 صفحة : 90
يا إبراهيم! عرفت لأي أمر جئت. أنا لم أقم هنا رهبانية في هذه السبعين عاما , بل لأن لي كلبا هائجا , فأقمت هنا أحرسه وأكفي الخلق شره , وإلا فلست أنا هذا (الذي تظن). فلما سمعت منه هذا الكلام قلت: يا إلهي تعاليت! أنت قادر على أن تهدي العبد طريق الصواب في عين الضلالة , وتكرمه بالصراط المستقيم. فقال لي: يا إبراهيم! إلام تطلب الناس؟ إمض واطلب نفسك , وإذا وجدتها فاحرسها , لأن الهوى يرتدي ثوب الإلهية كل يوم على ثلثمائة وستين لونا , ويدعو العبد إلى الضلالة) [1].
وذكر الشعراني أن بعض أسلاف الصوفية حاولوا تقرير مذهب رهبان النصارى , وكونهم على الحق والصواب , ومن قبل رسول الله الناطق بالوحي صلوات الله وسلامه عليه - كذبا وزورا -: (أن قوله صلى الله عليه وسلم: دعوا الرهبان وما انقطعوا إليه , تقرير لهم على ما هم عليه من حيث عموم رسالته صلى الله عليه وسلم كما قرر أهل الكتاب على سكنى دار الإسلام بالجزية.
قالوا: وهي مسألة خفية جليلة في عموم رسالته صلى الله عليه وسلم. لا ينتبه لها إلا الغواصون على الدقائق) [2].
هذا ولقد ذكر في طبقاته عن صوفي آخر - وهو إبراهيم بن عصفير - الذي يقول عنه: (كان كثير الكشف , وله وقائع مشهورة , وظهرت له الكرامات وهو صغير , وكان يأتي البلد وهو راكب الذئب أو الضبع , وكان يمشي على الماء لا يحتاج إلى مركب , وكان بوله كاللبن الحليب أبيض , ... وما ضبطت عليه كشفا أخرم فيه. يكتب عن هذا الصوفي الذي بلغ أقصى درجات الولاية:
(كان أكثر نومه في الكنيسة , ويقول: النصارى لا يسرقون النعال في الكنيسة بخلاف المسلمين , وكان رضي الله عنه يقول: أنا ما عندي من صوم حقيقة إلا من لا يأكل لحم الضأن أيام الصوم كالنصارى , وأما المسلمون الذين يأكلون لحم الضأن والدجاج أيام الصوم فصومهم عندي باطل) [3].
وكذلك وجد مدح الرهبان النصارى في كتب صوفية كثيرة مثل ما ذكر الأصبهاني في حليته عن عبد الله بن الفرج أنه قال له رجل: [1] كشف المحجوب للهجويري ترجمة عربية ص 439 ط دار النهضة العربية بيروت. [2] الجواهر والدرر للشعراني ص 237 بهامش الابريز للدباغ ط مصر. [3] الطبقات الكبرى للشعراني ج 2 ص 140.
اسم الکتاب : التصوف - المنشأ والمصادر المؤلف : إحسان إلهي ظهير الجزء : 1 صفحة : 90