اسم الکتاب : التصوف - المنشأ والمصادر المؤلف : إحسان إلهي ظهير الجزء : 1 صفحة : 86
(أما الطهارة فكان معناها ليس تطهير الجسد بالصوم , بل كانت تعني فوق ذلك قطع علاقات محبة الأب أو الأم أو الابن أو الأخت حتى يكون الراهب أقدر على خدمة البشر , وتصبح المحبة هنا ديانة إنسانية شاملة ز
أما الفقر فكان يعني التحرر المطلق من قيود الأشياء , ورفض المصالح المادية من أجل خدمة الإنسان , وكان الخضوع يعني الاستسلام الكامل لإرادة الله للقيام بالواجبات) [1].
ولقد صرح الكتور قاسم غني أن المسيحية: (استطاعت أن تعلم صوفية المسلمين آدابا وعادات كثيرة عن طريق زمرة المتقشفين وفرق الرهبان المتجولين , ولا سيما الجماعات السورية المتجولة في كل مكان ممن كانوا على الأغلب من فرق النصارى النسطوريين , في حين أن تأثير كنائس المسيحية في المسلمين كان في نطاق محدود جدا.
وأن الحياة في الصوامع والخانقاوات كانت أيضا مقتبسة من المسيحية إلى حد كبير) [2].
وبمثل ذلك قال نيلكسون , المستشرق الإنجليزي الكبير الذي عرف باختصاصه في الدراسات عن التصوف , حيث يذكر تحت تطور الزهد في العصور الوسطى:
(لم يخرج الصوفية كثيرا على الحديث القائل: لا رهبانية في الإسلام إلا بعد مضي عدة قرون - إلى أن يقول -: وإننا لا نعلم إلا القليل عن نظام الزهد الرهباني ونشأته في العصور الإسلامية الأولى , ويقال: أن أول خانقاه أسست لمتصوفة المسلمين كانت برملة في فلسطين قبل نهاية المائة الثامنة الميلادية على ما يظهر , وأن مؤسسها كان راهبا مسيحيا ... وقد الصوفية بعض الأحاديث المدخولة على النبي , التي تشير لإباحة العزوبة لجميع المسلمين بعد المائتين من الهجرة فقد ظهر نظام الرهبنة في الإسلام حوالي هذا التاريخ تقريبا. نعم لم يعم الزهد في العالم الإسلامي , ولم تظهر فيه الربط والزوايا المنظمة إلا في عصر متأخر , لأن القارئ للكتب التي ألفت في التصوف حتى منتصف القرن الخامس الهجري , مثل قوت القلوب لأبي طالب المكي , وحلية الأولياء لأبي نعيم , والرسالة للقشيري , قلما يجد [1] الفلسفة الصوفية في الإسلام للكتور عبد القادر محمود ص 39 ط دار الفكر العربي القاهرة. [2] تاريخ التصوف في الإسلام للكتور قاسم غني ترجمة عربية ص 103.
اسم الکتاب : التصوف - المنشأ والمصادر المؤلف : إحسان إلهي ظهير الجزء : 1 صفحة : 86