responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 77
- قَوْلُهُ تَعَالَى {أَحَقُّ أَنْ تَقُوْمَ فِيْهِ} هَذَا فِيْهِ اسْتِعْمَالُ أَفْعُلِ التَّفْضِيْلِ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا، فَلَيْسَ لِمَسْجِدِ الضِّرَارِ حَقٌّ أَصْلًا لِلصَّلَاةِ فِيْهِ؛ وَقَدْ أُسِّسَ عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنَ المَعْصِيَةِ.
- وَجْهُ المُنَاسَبَةِ مِنَ الآيَةِ: أَنَّ هَذَا المَسْجِدَ لَمَّا أُعِدَّ لِمَعْصِيَةِ اللهِ صَارَ مَحَلَّ غَضَبٍ لِأَجْلِ ذَلِكَ، فَلَا تَجُوْزُ الصَّلَاةُ فِيْهِ وَلَوْ للهِ، وَعَلَاقَةُ هَذَا مَعَ البَابِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ القِيَاسِ؛ حَيْثُ صَارَ فِيْهِ النَّهْيُ عَنْ مُشَابَهَةِ المُشْرِكِيْنَ فِي مَكَانِ العِبَادَةِ وَلَوْ كَانَتْ للهِ، أَمَّا الحَدِيْثُ الآتِيْ فِي البَابِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنْصِيْصِ عَلَى النَّهْي.
- المَسْجِدُ المَذْكُوْرُ فِي الآيَةِ هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ، وَقَدْ وَرَدَتِ الفَضِيْلَةُ فِيْهِ وَفِي أَهْلِهِ، وَهِيَ:
1) أَنَّ الصَّلَاةَ فِيْهِ تَعْدِلُ عُمْرَةً، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (مَنْ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ هذَا المَسْجِدَ - مَسْجِدَ قُبَاءٍ - فَيُصَلِّي فِيْهِ؛ كانَ لَهُ عَدْلَ عُمْرَةٍ). (1)
2) فَضِيْلَةُ أَهْلِهِ مِنْ جِهَةِ الطَّهَارَةِ - البَدَنِيَّةِ وَالمَعْنَوِيَّةِ -: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِيْهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِيْنَ} (التَّوْبَة:108). (2)
- قَوْلُهُ (بُوَانَة): قَالَ البَغَوِيُّ: مَوْضِعٌ فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ دُوْنَ يَلَمْلَم [3]، وَقَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: هَضَبَةٌ مِنْ وَرَاءِ يَنْبُع (أَيْ: مِنْ جِهَةِ المَدِيْنَةِ). (4)
- النَّذْرُ لُغَةً: الإِلْزَامُ وَالعَهْدُ، وَاصْطِلَاحًا: إِلْزَامُ المُكَلَّفِ نَفْسَهُ للهِ شَيْئًا غَيْرَ وَاجِبٍ، وَالنَّذْرُ مِنْهُ المَكْرُوْهُ [5] وَمِنْهُ المَمْدُوْحُ.
- قَوْلُهُ (هَلْ كَانَ فِيْهَا وَثَنٌ مِنْ أوْثَانِ الجَاهِلِيّةِ يُعْبَدُ؟): (يُعْبَدُ) صِفَةٌ مُوَضِّحَةٌ - كَاشِفَةٌ - ولَيْسَتْ مُقَيِّدَةٌ، وَالمَعْنَى هَلْ كَانَ فِيْهَا شَيْءٌ يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ؟، وَلَيْسَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ هُنَاكَ وَثَنٌ - وَلَكِنَّهُ لَا يُعْبَدُ - فَجَائِزٌ. (6)
- فِي الحَدِيْثِ نَهْيٌ عَنِ الشِّرْكِ فِي قَوْلِهِ (هَلْ كَانَ فِيْهَا وَثَنٌ؟)، وَنَهْيٌ عَنْ وَسَائِلِهِ فِي قَوْلِهِ (عِيْدٌ مِنْ أعْيَادِهِمْ؟).

(1) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (15981) عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (3446).
(2) وَفِي الحَدِيْثِ ((يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ إِنَّ اللهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُوْرِ، فَمَا طُهُورُكُمْ؟) قَالُوا: نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَنَغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ، وَنَسْتَنْجِي بِالمَاءِ. قَالَ: (فَهُوَ ذَاكَ فَعَلَيْكُمُوْهُ)). صَحِيْحٌ. ابْنُ مَاجَه (355) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوْعًا. اُنْظُرْ تَحْقِيْقَ مِشْكَاةِ المَصَابِيْحِ (369).
[3] شَرْحُ السُّنَّةِ (31/ 10).
(4) النِّهَايَةُ فِي غَرِيْبِ الحَدِيْثِ (430/ 1).
[5] بَلْ إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ العِلْمِ يَمِيْلُ لِحُرْمَتِهِ؛ وَفِي البُخَارِيِّ (6693) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ؛ وَقَالَ: (إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا؛ وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيْلِ).
(6) وَالصِّفَةُ المُوَضِّحَةُ يُفِيْدُ وَضْعُهَا بَيَانَ العِلَّةِ فِي النَّهْي. كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُوْنَ} (المُؤْمِنُوْن:117). فَلَيْسَ مَعْنَى (لَا بُرْهَانَ لَهُ) أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ بُرْهَانٌ بِهِ فَجَائِزٌ! وَلَكِنِ المَعْنَى: أَنَّ أيَّ شَيْءٍ غَيْرَ اللهِ لَيْسَ لَهُ بُرْهَانٌ لِلعِبَادَةِ، فَهِيَ عِلَّةُ التَّوْحِيْدِ لِرَبِّ العَالَمِيْنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَمِثْلُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ وَالَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ} (البَقَرَة:21) فَلَيْسَ المَعْنَى أَنَّهُ هُنَاكَ رَبٌّ خَالِقٌ وَهُنَاكَ رَبٌّ لَا يَخْلُقُ، وَلَكِنَّهُ لِبَيَانِ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الخَالِقُ وَحْدَهُ.
وَمِثْلُهُ أَيْضًا حَدِيْثُ التِّرْمِذِيِّ (2677) مَرْفُوْعًا عَنْ عَمْرو بْنِ عَوْفٍ - وَالحَدِيْثُ ضَعِيْفٌ؛ كَمَا فِي ضَعِيْفِ الجَامِعِ (965) -: (مَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةَ ضلالَةٍ - لَا تُرْضِي اللهَ وَرَسُوْلَهُ - كانَ علَيْهِ مِثْلُ آثامِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أوْزَارِ النَّاسِ شَيْئًا). فَقَوْلُهُ (لَا يَرْضَاهَا) صِفَةٌ شَارِحَةٌ لِلضَّلَالَةِ، وَلَا يَعْنِي أَنَّ هُنَاكَ مِنَ البِدَعِ الضَّلَالَاتِ مَا تُرْضِي اللهَ وَرَسُوْلَهُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست