responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 545
مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- المَسْأَلَةُ الأُوْلَى) هَلْ للهِ تَعَالَى صِفَةُ الأَصَابِعِ حَقِيْقَةً؟ أَمْ أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ مَعْنَى المُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ، لِأَنَّ إِثْبَاتَ الأَصَابِعِ للهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى التَّجْسِيْمِ! وَقَدْ جَاءَ فِي البُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ مِنْ قَوْلِ اليَهُوْدِيِّ لَمَّا سَمِعَهُ يَقُوْلُ ذَلِكَ، وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّها مِنْ وَصْفِ اليَهُوْدِ المُجَسِّمَةِ للهِ تَعَالَى! (1)
الجَوَابُ: للهِ تَعَالَى صِفَةُ الأَصَابِعِ، وَهِيَ غَيْرُ صِفَةِ المُلْكِ، وَلَيْسَ فِي إِثْبَاتِ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّجْسِيْمِ للهِ تَعَالَى، فَنُثْبِتُ مَا أَثْبَتَهُ اللهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَنَنْفِي عَنْهُ مَا نَفَى سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ.
وَلَئِنْ كَانَتْ صِفَةُ السَّمْعِ وَالبَصَرِ وَالإِرَادَةِ لَا تَدُلُّ عَلَى التَّمْثِيْلِ - رُغْمَ أَنَّ أَغْلَبَ المَخْلُوْقَاتِ الحَيَوَانِيَّةِ لَهُم مِنْ جِنْسِ هَذِهِ الصِّفاتِ -؛ فَإِنَّ صِفَةَ الأَصَابِعِ للهِ تَعَالَى أَيْضًا لَا تَدُلُّ عَلَى التَّمْثِيْلِ وَلَا عَلَى التَّجْسِيْمِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ القَوْمَ شَبَّهُوا أَوَّلًا فنَفَرُوا، فعَطَّلُوا ثَانِيًا فَكَفَرُوا.

(1) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (398/ 13): (وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: (لَمْ يَقَعْ ذِكْرُ الإِصْبَعِ فِي القُرْآنِ وَلَا فِي حَدِيْثٍ مَقْطُوْعٍ بِهِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ اليَدَ لَيْسَتْ بِجَارِحَةٍ حَتَّى يُتَوَهَّمَ مِنْ ثُبُوْتِهَا ثُبُوْتُ الأَصَابِعِ، بَلْ هُوَ تَوْقِيْفٌ أَطْلَقَهُ الشَّارِعُ فَلَا يُكَيَّفُ وَلَا يُشَبَّهُ، وَلَعَلَّ ذِكْرَ الأَصَابِعِ مِنْ تَخْلِيْطِ اليَهُوْدِيِّ، فَإِنَّ اليَهُوْدَ مُشَبِّهَةٌ، وَفِيْمَا يَدَّعُوْنَهُ مِنَ التَّوْرَاةِ أَلْفَاظٌ تَدْخُلُ فِي بَابِ التَّشْبِيْهِ وَلَا تَدْخُلُ فِي مَذَاهِبِ المُسْلِمِيْنَ، وَأَمَّا ضَحِكُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِ الحَبْرِ فَيَحْتَمِلُ الرِّضَى وَالإِنْكَارَ، وَأَمَّا قَوْلُ الرَّاوِي: (تَصْدِيْقًا لَهُ) فَظَنٌّ مِنْهُ وَحُسْبَانٌ، وَقَدْ جَاءَ الحَدِيْثُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ لَيْسَ فِيْهَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ، وَعَلَى تَقْدِيْرِ صِحَّتِهَا فَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِحُمْرَةِ الوَجْهِ عَلَى الخَجَلِ، وَبِصُفْرَتِهِ عَلَى الوَجَلِ، وَيَكُوْنُ الأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَقَدْ تَكُوْنُ الحُمْرَةُ لِأَمْرٍ حَدَثَ فِي البَدَنِ كَثَوَرَانِ الدَّمِ، وَالصُّفْرَةُ لِثَوَرَانٍ خَلْطٍ مِنْ مِرَارٍ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى تَقْدِيْرِ أَنْ يَكُوْنَ ذَلِكَ مَحْفُوْظًا فَهُوَ مَحْمُوْلٌ على تَأْوِيْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِيْنِهِ} أَيْ: قُدْرَتُهُ عَلَى طَيِّهَا، وَسُهُولَةُ الأَمْرِ عَلَيْهِ فِي جَمْعِهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَمَعَ شَيْئًا فِي كَفِّهِ وَاسْتَقَلَّ بِحَمْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْمَعَ كَفَّهُ عَلَيْهِ، بَلْ يُقِلُّهُ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ، وَقَدْ جَرَى فِي أَمْثَالِهِمْ: فُلَانٌ يُقِلُّ كَذَا بِإِصْبَعِهِ وَيَعْمَلُهُ بِخِنْصَرِهِ). انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَقَدْ تَعَقَّبَ بَعْضُهُمْ إِنْكَارَ وُرُوْدِ الأَصَابِعِ لِوُرُوْدِهِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيْثَ كَالحَدِيْثِ الَّذِيْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (إِنَّ قَلْبَ بَنِي آدَمَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ) وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نَفَى القَطْعَ.
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ فِي المُفْهِمِ: (قَوْلُهُ (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ) إِلَى آخِرِ الحَدِيْثِ، هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ اليَهُوْدِيِّ وَهُمْ يَعْتَقِدُوْنَ التَّجْسِيْمَ وَأَنَّ اللهَ شَخْصٌ ذُو جَوَارِحَ - كَمَا يَعْتَقِدُهُ غُلَاةُ المُشَبِّهَةِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ -، وَضَحِكُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ لِلتَّعَجُّبِ مِنْ جَهْلِ اليَهُوْدِيِّ، وَلِهَذَا قَرَأَ عِنْدَ ذَلِكَ {وَمَا قَدَرُوْا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أَيْ: مَا عَرَفُوْهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَلَا عَظَّمُوْهُ حَقَّ تَعْظِيْمِهِ، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الصَّحِيْحَةُ المُحَقَّقَةُ، وَأَمَّا مَنْ زَادَ (تَصْدِيْقًا لَهُ) فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهَا مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي وَهِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَدِّقُ المُحَالَ، وَهَذِهِ الأَوْصَافُ فِي حَقِّ اللهِ مُحَالٌ؛ إِذْ لَوْ كَانَ ذَا يَدٍ وَأَصَابِعَ وَجَوَارِحَ كَانَ كَوَاحِدٍ؛ مِنَّا فَكَانَ يَجِبُ لَهُ مِنَ الِافْتِقَارِ وَالحُدُوْثِ وَالنَّقْصِ وَالعَجْزِ مَا يَجِبُ لَنَا، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُوْنَ إِلَهًا؛ إِذْ لَوْ جَازَتِ الإِلَهِيَّةُ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَصَحَّتْ لِلدَّجَّالِ - وَهُوَ مُحَالٌ - فَالمُفْضِي إِلَيْهِ كَذِبٌ، فَقَوْلُ اليَهُوْدِيِّ كَذِبٌ وَمُحَالٌ، وَلِذَلِكَ أَنْزَلَ اللهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ {وَمَا قَدَرُوْا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، وَإِنَّمَا تَعَجَّبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَهْلِهِ؛ فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّ ذَلِكَ التَّعَجُّبَ تَصْدِيْقٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنْ قِيْلَ قَدْ صَحَّ حَدِيْثُ (إِنَّ قُلُوْبَ بَنِي آدَمَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ) فَالجَوَابُ: أَنَّهُ إِذَا جَاءَنَا مِثْلُ هَذَا فِي الكَلَامِ الصَّادِقِ تَأَوَّلْنَاهُ أَوْ تَوَقَّفْنَا فِيْهِ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ وَجْهُهُ - مَعَ القَطْعِ بِاسْتِحَالَةِ ظَاهِرِهِ لِضَرُوْرَةِ صِدْقِ مَنْ دَلَّتِ المُعْجِزَةُ عَلَى صِدْقِهِ - وَأَمَّا إِذَا جَاءَ عَلَى لِسَانِ مَنْ يَجُوْزُ عَلَيْهِ الكَذِبُ بَلْ عَلَى لِسَانِ مَنْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ عَنْ نَوْعِهِ بِالكَذِبِ وَالتَّحْرِيْفِ كَذَّبْنَاهُ وَقَبَّحْنَاهُ، ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرَّحَ بِتَصْدِيْقِهِ؛ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَصْدِيْقًا لَهُ فِي المَعْنَى؛ بَلْ فِي اللَّفْظِ الَّذِيْ نَقَلَهُ مِنْ كِتَابِهِ عَنْ نَبِيِّهِ وَنَقْطَعُ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ). انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَهَذَا الَّذِيْ نَحَا إِلَيْهِ أَخِيْرًا أَوْلَى مِمَّا ابْتَدَأَ بِهِ لِمَا فِيْهِ مِنَ الطَّعْنِ عَلَى ثِقَاتِ الرُّوَاةِ وَرَدِّ الأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ، وَلَوْ كَانَ الأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا فَهِمَهُ الرَّاوِي بِالظَّنِّ لَلَزِمَ مِنْهُ تَقْرِيْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى البَاطِلِ وَسُكُوْتُهُ عَنِ الإِنْكَارِ - وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ -، وَقد اشْتَدَّ إِنْكَارُ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى أَنَّ الضَّحِكَ المَذْكُوْرَ كَانَ عَلَى سَبِيْلِ الإِنْكَارِ؛ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ هَذَا الحَدِيْثَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيْدِ مِنْ صَحِيْحِهِ بِطَرِيْقِهِ: (قَدْ أَجَلَّ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يُوْصَفَ رَبُّهُ بِحَضْرَتِهِ بِمَا لَيْسَ هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ؛ فَيَجْعَلَ بَدَلَ الإِنْكَارِ وَالغَضَبِ عَلَى الوَاصِفِ ضَحِكًا! بَلْ لَا يَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الوَصْفِ مَنْ يُؤْمِنُ بِنُبُوَّتِهِ).
وَقَدْ وَقَعَ الحَدِيْثُ المَاضِي فِي الرِّقَاقِ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ رَفَعَهُ (تَكُوْنُ الأَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفَّؤُهَا الجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَتَكَفَّؤُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ) الحَدِيْثَ، وَفِيْهِ أَنَّ يَهُوْدِيًّا دَخَلَ فَأَخْبَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَصْحَابه ثُمَّ ضَحِكَ).
قُلْتُ: وَقَوْلُ الحَافِظِ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ خُزَيْمَةَ السَّابِقِ إِنَّمَا هُوَ فِي كِتَابِهِ (التَّوْحِيْدُ) (178/ 1)، وَلَيْسَ فِي صَحِيْحِهِ أَصْلًا - لَا الحَدِيْثُ وَلَا البَيَانُ -، وَالحَمْدُ للهِ.
وَمَعْنَى الحَدِيْثِ الأَخِيْرِ الَّذِيْ أَوْرَدَهُ الحَافِظُ هُوَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَجْعَلُ الأَرْضَ كَالرَّغِيْفِ العَظِيْمِ فَيَكُوْنُ ذَلِكَ طَعَامًا لِأَهْلِ الجَنَّةِ.
وَكُلُّ مَا سَبَقَ مِنَ الشُّبَهِ - بِحَمْدِ اللهِ - مَرْدُوْدٌ عَلَيْهِ فِي الجَوَابِ؛ عَدَا جُمْلَةَ القُرْطُبِيِّ - عَفَا اللهُ عَنْهُ - وَهُوَ (إِذْ لَوْ جَازَتِ الإِلَهِيَّةُ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَصَحَّتْ لِلدَّجَّالِ)!!
وَالجَوَابُ: هَلِ الأُلُوْهِيَّةُ تُنْفَى بِإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ؟! فَعَلَى هَذَا تُنْفَى بَاقِيْ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ - عَلَى مَذْهَبِ الأَشَاعِرَةِ - أَيْضًا عَنِ اللهِ تَعَالَى!!
فَإِذَا قِيْلَ: هَذِهِ الصِّفَاتُ السَّبْعَةُ هِيَ كَمَا يَلِيْقُ بِهِ سُبْحَانَهُ؛ فَنَقُوْلُ: وَتِلْكَ الَّتِيْ أَثْبَتَهَا الشَّرْعُ أَيْضًا هِيَ كَمَا يَلِيْقُ بِهِ سُبْحَانَهُ.
ثُمَّ لَوْ كَانَتْ صِفَاتُ المَسِيْحِ الدَّجَّالِ الجَسَدِيَّةُ هِيَ عِلَّةُ إِنْكَارِ رُبُوْبِيَّتِهِ - كَمَا سَيَدَّعِيْهِ هُوَ فِي وَقْتِهِ - لَمْ يَكُنْ لِإِخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْجُهِ مَعْرِفَتِهِ سَبَبٌ أَبَدًا، حَيْثُ أَخْبَرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْهُ بِعِدَّةِ صِفَاتٍ - غَيْرِ جَسَدِيَّةٍ - لِمَعْرِفَةِ كَذِبِهِ، فَلَمْ تَكُنْ صِفَاتُهُ الجَسَدِيَّةُ هِيَ وَجْهُ بَيَانِ ضَلَالِهِ، وَإِنَّمَا جَاءَ بَيَانُ وَجْهِ الضَّلَالَةِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي وَمَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، وَأَنَّهُ يُحْيِي المَيِّتَ - بِإِذْنِ اللهِ الكَوْنِيِّ - وَأَنَّهُ مَكْتُوْبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ وَ ..... ، هَذَا كُلُّهُ مَعَ ضَرُوْرَةِ مَعْرِفَةِ أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ أَبَدًا فِي حَقِيْقَةِ الصِّفَةِ بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلُوْقِ، فَكَمَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى حَيٌّ - وَهَذَا لَا يَعْنِي أَنَّ حَيَاتَهُ مُمَاثِلَةٌ لِحَيَاةِ البَشَرِ -؛ فَكَذَلِكَ أَصَابِعُهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَتْ كَأَصَابِعِ البَشَرِ، لِأَنَّ الكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَنِ الكَلَامِ عَلَى الذَّاتِ.
فَدَلَّ هَذَا البَيَانُ - بِفَضْلِ اللهِ - عَلَى خَطَأِ تَوْجِيْهِ القُرْطُبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ فِي قَوْلِهِ (إِذْ لَوْ جَازَتِ الإِلَهِيَّةُ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَصَحَّتْ لِلدَّجَّالِ). وَبَاقِي الرَّدِّ تَجِدُهُ فِي تَمَامِ الجَوَابِ. وَالحَمْدُ للهِ عَلَى تَوْفِيْقِهِ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 545
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست