responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 543
- قَوْلُهُ (فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ): هَكَذَا سَاقَهُ المُؤَلِّفُ؛ وَلَكِنِ الَّذِيْ فِي تَفْسِيْرِ ابْنِ جَرِيْرٍ هُوَ بِلَفْظِ (فِي يَدِ اللهِ)، إِلَّا أَنَّ صِفَةَ الكَفِّ للهِ تَعَالَى ثَابِتَةٌ فِي أَحَادِيْثَ أُخْرَ صَحِيْحَةٍ. (1)
- قَوْلُهُ (كَخَرْدَلَةٍ): هِيَ حَبَّةُ نَبَاتٍ صَغِيْرَةٍ جِدًّا؛ يُضْرَبُ بِهَا المَثَلُ فِي الصِّغَرِ وَالقِلَّةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَا يُحِيْطُ بِهِ شَيْءٌ، وَالأَمْرُ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا التَّمْثِيْلِ التَّقْرِيْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ، وَلَا تُحِيْطُ بِهِ الأَفْهَامُ.
- فَي الآثَارِ السَّابِقَةِ بَيَانُ مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَإِمْرَارِهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيْلٍ وَلَا تَعْطِيْلٍ. (2)
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ في التَّفْسِيْرِ - عِنْدَ آيَةِ البَابِ -: (وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيْثُ كَثِيْرَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذِهِ الآيَةِ الكَرِيْمَةِ، وَالطَّرِيْقُ فِيْهَا وَفِي أَمْثَالِهَا مَذْهَبُ السَّلَفِ؛ وَهُوَ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيْفٍ وَلَا تَحْرِيْفٍ). (3)
وَقَالَ أَيْضًا رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ): (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الرَّبِيْعِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ رُؤُوْسِ أَصْحَابِهِ (أَي الشَّافِعِيِّ) مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ بِآيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيْثِهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيْفٍ وَلَا تَشْبِيْهٍ وَلَا تَعْطِيْلٍ وَلَا تَحْرِيْفٍ؛ عَلَى طَرِيْقِ السَّلَفِ). (4)
وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ (العُلُوُّ لِلعَليِّ الغَفَّارِ): (وَعَنْ يُوْنُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى؛ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: (للهِ تَعَالَى أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا - قَامَتْ عَلَيْهِ الحُجَّةُ - رَدُّهَا)). (5)
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي): (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ عَنْ يُوْنُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى؛ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: (للهِ أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا رَدُّهَا، وَمَنْ خَالَفَ بَعْدَ ثُبُوْتِ الحُجَّةِ عَلَيْهِ فَقَدَ كَفَرَ، وَأَمَّا قَبْلَ قِيَامِ الحُجَّةِ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ بِالجَهْلِ، لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ لَا يُدْرِكُ بِالعَقْلِ وَلَا الرُّؤْيَةِ وَالفِكْرِ، فَنُثْبِتُ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَنَنْفِي عَنْهُ التَّشْبِيْهَ كَمَا نَفَى عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ})). (6)
- قَوْلُهُ (مَا الكُرْسِيِّ فِي العَرْشِ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيْدٍ أُلْقِيَتْ بَيْنَ ظَهْرَيْ فَلَاةٍ مِنَ الأَرْضِ): فِيْهِ بَيَانُ عَظَمَةِ العَرْشِ، وَعَظَمَتُهُ تَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ صَاحِبِهِ وَخَالِقِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

(1) كَمَا فِي الحَدِيْثِ (مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ - وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ - إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِيْنِهِ - وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً - فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُوْنَ أَعْظَمَ مِنَ الجَبَلِ؛ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيْلَهُ). مُسْلِمٌ (1014) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا.
(2) وَمِنَ التَّأْوِيْلِ المَذْمُوْمِ - وَالَّذِيْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيْلٌ صَحِيْحٌ صَرِيْحٌ شَرْعِيٌّ - مَا فِي تَفْسِيْرِ الجَلَالَيْنِ (ص177) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا قَدَرُوْا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، فَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ: (مَا عَرَفُوْهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، أَوْ مَا عَظَّمُوْهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ حِيْنَ أَشْرَكُوا بِهِ غَيْرَهُ، {وَالأَرْضُ جَمِيْعًا} حَالٌ؛ أَيْ: السَّبْعُ؛ {قَبْضَتُهُ} أَيْ: مَقْبُوْضَةٌ لَهُ: أَيْ: فِي مُلْكِهِ وَتَصَرًّفِهِ!!! {يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ} مَجْمُوْعَاتٌ؛ {بِيَمِيْنِهِ} بِقُدْرَتِهِ!!! {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُوْنَ} مَعَهُ).
قُلْتُ: عَلَى هَذَا التَّفْسِيْرِ (أَوِ التَّأْوِيْلِ) تَرِدُ أَسْئِلَةٌ مُخْتَصَرَةٌ، وَفِي تَأَمُّلِهَا الإِجَابَةُ:
أ) مَنْ فَسَّرَ (القَبْضَةَ) بِالمُلْكِ، وَ (اليَمِيْنَ) بِالقُدْرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ فِي هَذِهِ الآيَةِ؟
ب) مَا وَجْهُ جَعْلِ الأَرْضِ يَوْمَ القِيَامَةِ - دُوْنَ السَّمَوَاتِ؛ فِي هَذَا التَّفْسِيْرِ - مَخْصُوْصَةً بِالمُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ؛ رُغْمَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ هُوَ أَصْلًا فِي مُلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ تَعَالَى؛ سَوَاءً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟
(3) تَفْسِيْرُ ابْنِ كَثِيْر (113/ 7).
(4) (البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ) (138/ 14).
(5) (العُلُوُّ لِلعَليِّ الغَفَّارِ) (ص166).
(6) (فَتْحُ البَارِي) (407/ 13).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 543
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست