responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 528
مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- مَسْأَلَةٌ) مَا الأُمُوْرُ الَّتِيْ تَجِبُ مُرَاعَاتُهَا عِنْدَ الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ، أَوْ إِنْكَارِ المُنْكَرِ؟
الجَوَابُ:
1) العِلْمُ: وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُوْنَ هَذَا الأَمْرُ مُنْكَرًا وَاضِحًا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ الجَمِيْعُ أَوْ فِيْهِ خِلَافٌ ضَعِيْفٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. (1)
2) القُدْرَةُ عَلَى تَغْيِيْرِهِ: وَكُلُّ بِحَسْبِ طَاقَتِهِ وَوِلَايَتِهِ، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيْهِمْ بِالمَعَاصِي؛ ثُمَّ يَقْدِرُوْنَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا إِلَّا يُوْشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ). (2)
وَلَكِنْ تُلَاحَظُ فِيْهِ القُدْرَةُ عَلَى تَحَمُّلِ الأَذَى وَكُلٌّ بِحَسْبِ طَاقَتِهِ، وَفِي الحَدِيْثِ (لَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ؛ يَتَعَرَّضُ مِنَ البَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيْقُ). (3)
3) عَدَمُ الانْتِقَالِ إِلَى مُنْكَرٍ آخَرَ (مِثْلِهِ أَوْ أَشَدَّ): وَلَكِنْ إِلَى مَعْرُوْفٍ، أَوْ تَرْكٍ لِلمُنْكَرِ، أَوْ أَدْنَى مِنْهُ.
4) الرِّفقُ: كَمَا فِي الحَدِيْثِ (إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُوْنُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ). (4)
5) ظَنُّ الانْتِفَاعِ. (5)

(1) وَأَيْضًا أَنْ يَسْتَبِيْنَ كَوْنُ الأَمْرِ مُنْكَرًا فِي حَقِّ المُنْكَرِ عَلِيْهِ بِدُوْنِ التِبَاسٍ، كَالإِنْكَارُ عَلَى امْرَأَةٍ تَأْكُلُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لِعِلَّةِ حَيْضِهَا، وَهُوَ أَمْرٌ خَفِيٌّ.
(2) صَحِيْحٌ. أَبُو دَاوُدَ (4338) عَنْ جَرِيْرٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (3353).
(3) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (2254) عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (613).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (جَامِعُ العُلُوْمِ وَالحِكَمِ) (251/ 2): (فَأَمَّا حَدِيْثُ (لَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ) فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُطِيْقُ الأَذَى وَلَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ حِيْنَئِذٍ لِلأَمْرِ - وَهَذَا حَقٌّ -، وَإنَّمَا الكَلَامُ فِيْمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ، كَذَلِكَ قَالَهُ الأَئِمَّةُ؛ كَسُفْيَانَ وَأَحْمَدَ وَالفُضِيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِم).
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (53/ 13): (قَالَ الطَّبَرِيُّ: (اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجِبُ مُطْلَقًا وَاحْتَجُّوا بِحَدِيْثِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ رَفَعَهُ (أَفْضَلُ الجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ)، وَبِعُمُوْمِ قَوْلِهِ (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ) الحَدِيْثَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ إِنْكَارُ المُنْكَرِ؛ لَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَلْحَقَ المُنْكِرَ بَلَاءٌ لَا قِبَلَ لَهُ بِهِ مِنْ قَتْلٍ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ آخَرُوْنَ: يُنْكِرُ بِقَلْبِهِ لِحَدِيْثِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوْعًا (يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ بَعْدِي، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ ...) وَتَابَعَ الحَدِيْثَ). قَالَ: وَالصَّوَابُ اعْتِبَارُ الشَّرْطِ المَذْكُوْرِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيْثُ (لَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ) ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَنْ (يَتَعَرَّضَ مِنَ البَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيْقُ)). انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجِبُ الأَمْرُ بِالمَعْرُوْفِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ ضَرَرًا).
قُلْتُ: وَأَمَّا حَدِيْثُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ فَهُوَ صَحِيْحٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (4344). صَحِيْحُ أَبِي دَاوُدَ (4344).
وَأَمَّا حَدِيْثُ (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ) فَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (49) عَنْ أَبي سَعِيْدٍ مَرْفُوْعًا.
وَأمَّا حَدِيْثُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1854) أَيْضًا.
وَأمَّا حَدِيْثُ (لَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ) فَهُوَ صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (2254) عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (613).
(4) مُسْلِمٌ (2594) عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعًا.
وَالأَصْلُ فِي الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ هُوَ الرِّفْقُ، لَكِنْ قَدْ تَكُوْنُ الشِّدَّةُ هِيَ الأَفْضَلُ فِي بَعْضِ الَحاَلاتِ، كَمَا سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي بَابِ (مَنْ هَزَلَ بِشَيْءٍ فِيْهِ ذِكْرُ اللهِ أَوِ القُرْآنِ أَوِ الرَّسُوْلِ).
قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ، وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ). شَرْحُ مُسْلِمٍ (24/ 2) لِلنَّوَوِيِّ رَحِمَهُ اللهُ.
(5) وَالجُمْهُوْرُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، وَاسْتُدِلَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُوْنَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيْدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُوْنَ، فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِيْنَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوْءِ وَأَخَذْنَا الَّذِيْنَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيْسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُوْنَ} (الأَعْرَاف:165)، وَالشَّاهِدُ فِيْهِ أَنَّ النَّجَاةَ كَانَتْ لِمَنْ كَانَ يَنْهَى عَنِ السُّوْءِ.
وَرُدَّ عَلَى الاسْتِدْلَالِ السَّابِقِ بِتَمَامِ الآيَةِ وَفِيْهَا {وَأَخَذْنَا الَّذِيْنَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيْسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُوْنَ} (الأَعْرَاف:165)، وَالشَّاهِدُ هُوَ أَخْذُ الظَّالِمِيْنَ فَقَط بِالعَذَابِ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 528
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست