responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 497
6) أَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى صُوْرَةِ المِرْآةِ وَالانْعِكَاسِ عَلَى وَجْهِ المَاءِ السَّاكِنِ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ، وَذَلِكَ مِنْ أَوْجُهٍ:
أ) أَنَّ القَائِمَ قُبَالَةَ المِرْآةِ أَوْ وَجْهِ المَاءِ لَا يُسَمَّى مُصَوِّرًا لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا وَلَا شَرْعًا.
ب) أَنَّ الصُوْرَةَ فِي المِرْآةِ وَعَلَى وَجْهِ المَاءِ لَيْسَتْ مُسْتَقِرَّةً؛ فَلَا يَكُوْنُ صَاحِبُهَا قَدْ خَرَجَ بِصُوْرَة، بَلْ هَذِهِ الصُوْرَة تَزُوْلُ بِزَوَالِ المُقَابِلِ لَهَا. (1)
ج) أَنَّ الصُوْرَةَ القَائِمَةَ فِي المِرْآةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ المَاءِ تَحْصُلُ بِدُوْنِ أَيِّ سَعْيٍ أَوْ عَمَلٍ مِنَ المَرْءِ، بِخِلَافِ صَاحِبِ (كَبْسَةِ الزِّرِّ). (2)
7) لِيَكُنْ إِلْحَاقُ التَّصْوِيْرِ الشَّمْسِيِّ - الفُوْتُوْغَرَافِيِّ - بَعِيْدًا فِي كَوْنِهِ تَصْوِيْرًا مُحَرَّمًا؛ فَهُنَا تَرِدُ مُلَاحَظَاتٌ:
أ) مَا هُوَ وَاجِبُ المُسْلِمِ إِذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ المَسْأَلَةُ مِنْ جِهَةِ الحِلِّ أَوِ التَّحْرِيْمِ؟
الجَوَابُ: هُوَ فِي الحَدِيْثِ الشَّرِيْفِ (إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ). (3)
ب) مَا هُوَ الحَاصِلُ مِنْ إِبَاحَةِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَصْوِيْرِ؟ هَلْ هُوَ لِتَصْوِيْرِ مَا يَلْزَمُ مِنَ الأَوْرَاقِ الرَّسْمِيَّةِ الحُكُوْمِيَّةِ لِلأَشْخَاصِ؟ أَمْ لِتَصْوِيْرِ صُوَرِ الذِّكْرَيَاتِ وَتَنَاقُلِهَا وَتَعْلِيْقِهَا بِمَا لَا يُمْكِنُ أَبَدًا أَبَدًا ضَبْطُهُ! عِلْمًا أَنَّ حُكْمَ التَّصْوِيْرِ نَفْسَهُ مُفَارِقٌ عَنْ حُكْمِ اقْتِنَاءِ الصُّوَرِ وَتَعْلِيْقِهَا، فَهَذِهِ الأَخِيْرَةُ مَشْمُوْلَةٌ بِنُصُوْصٍ أُخْرَى مِنْ مَنْعِ دُخُوْلِ المَلَائِكَةِ وَغَيْرِهَا؛ فَتَنَبَّهْ. (4)
ج) هَلْ فَتْحُ هَذَا البَابِ أَسْلَمُ لِحَيَاةِ المُجْتَمَعِ المُسْلِمِ أَمْ إِغْلَاقُهُ؟ وَالوَاقِعُ يَحْكُمُ بَيْنَنَا.

(1) وَعَلَيْهِ فَلَا مَحْذُوْرَ فِي اسْتِخْدَامِ آلَاتِ المُرَاقَبَةِ فِي المُنْشَآتِ وَالمَتَاجِرِ وَأَشْبَاهِهَا لِأَنَّ الصُوْرَةَ لَيْسَتْ مَحْفُوْظَةً أَصْلًا، وَإِنَّمَا حَقِيْقَتُهَا انْعِكَاسُ الصُّوَرِ فِي المَرَايَا.
قُلْتُ: وَأَمَّا حِفْظُهَا أَحْيَانًا مِنْ بَابِ الحَاجَةِ وَالمَصْلَحَةِ كَضَبْطِ اللُّصُوْصِ وَغَيْرِهِ فَجَائِزٌ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الشَّيْخُ صَالِحُ آلِ الشَّيْخِ حَفِظَهُ اللهُ - فِي شَرِيْطٍ بِعُنْوَانِ (الإِيْمَانُ) مِنْ قِسْمِ المُتَفَرِّقَاتِ ضِمْنَ البَرْنَامِجِ الحَاسُوْبِيِّ المُسَمَّى بِـ (أَهْلُ الحَدِيْثِ وَالأَثَرِ) -: (وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَى شَرِيْطِ الفِيْدْيُو المُصَوَّرِ بِالكَامِيْرَا فَإِنَّ فِي الشَّرِيْطِ لَيْسَ ثَمَّ صُوْرَةٌ، إِنَّمَا هِيَ مَوْجَاتٌ (كَهْرُومِغْنَاطِيْسِيَّةٌ) تَرَكَّبَتْ فِي الشَّرِيْطِ عَنْ طَرِيْقَ المَوْجَاتِ - رَأْسِيَّةٍ؛ وَأُفُقِيَّةٍ -، وَهَذِهِ إِذَا عُرِضَتْ عَلَى الجِهَازِ حُوِّلَتْ بِالجِهَازِ إِلَى صُوْرَةٍ عَلَى الشَّاشَةِ، وَالصُوْرَةُ عَلَى الشَّاشَةِ هَذِهِ عَرْضٌ لَا يَثْبُتُ، تَذْهَبُ تُغْلِقُهُ ذَهَبَتِ الصُوْرَةُ، فَلَيْسَ ثَمَّ وُجُوْدٍ لِلصُوْرَةِ، وَالصُّوَرُ الَّتِيْ جَاءَ تَحْرِيْمُهَا فِي الشَّرْعِ هِيَ الصُوْرَةُ الثَّابِتَةُ - مَا لَهُ ظِلٌّ وَمَا لَيْسَ لَهُ ظِلٌّ -).
(2) قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى وَالرَسَائِلِ (187/ 1): (وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مُجِيْزِي التَّصْوِيْرِ الشَّمْسِيِّ أَنَّهُ نَظِيْرُ ظُهُوْرِ الوَجْهِ فِي المِرْآةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الصَّقِيْلَاتِ! وَهَذَا فَاسِدٌ، فَإِنَّ ظُهُوْرَ الوَجْهِ فِي المِرْآةِ وَنَحْوِهَا شَيْءٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍ، وَإِنَّمَا يُرَى بِشَرْطِ بَقَاءِ المُقَابَلَةِ، فَإِذَا فُقِدَتِ المُقَابَلَةُ فُقِدَ ظُهُوْرُ الصُوْرَةِ فِي المِرْآةِ وَنَحْوِهَا، بِخِلَافِ الصُوْرَةِ الشَّمْسِيَّةِ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي الأَوْرَاقِ وَنَحْوِهَا مُسْتَقِرَّةٌ، فَإِلْحَاقُهَا بِالصُّوَرِ المَنْقُوْشَةِ بِاليَدِ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ وَأَصَحُّ مِنْ إِلْحَاقِهَا بِظُهُوْرِ الصُوْرَةِ فِي المِرْآةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ الصُوْرَةَ الشَّمْسِيَّةَ وَبُدُوَّ الصُوْرَةِ فِي الأَجْرَامِ الصَّقِيْلَةِ وَنَحْوِهَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَمْرَيْنِ:
1) الاسْتِقْرَارُ وَالبَقَاءُ.
2) حُصُوْلُ الصُوْرَةِ عَنْ عَمَلٍ وَمُعَالَجَةٍ. فَلَا يُطْلَقُ لَا لُغَةً وَلَا عَقْلًا وَلَا شَرْعًا عَلَى مُقَابِلِ المِرْآةِ وَنَحْوِهَا أَنَّهُ صَوَّرَ ذَلِكَ، وَمُصَوِّرُ الصُّوَرِ الشَّمْسِيَّةِ مُصَوِّرٌ لُغَةً وَعَقْلًا وَشَرْعًا، فَالمُسَوِّي بَيْنَهُمَا مُسَوٍّ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللهُ بَيْنَهُ، وَالمَانِعُوْنَ مِنْهُ قَدْ سَوَّوا بَيْنَ مَا سَوَّى اللهُ بَيْنَهُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللهُ بَيْنَهُ، فَكَانُوا بِالصَّوَابِ أَسْعَدَ؛ وَعَنْ فَتْحِ أَبْوَابِ المَعَاصِي وَالفِتَنِ أَنْفَرَ وَأَبْعَدَ).
(3) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (52)، وَمُسْلِمٌ (1599) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيْرٍ مَرْفُوْعًا.
(4) أَمَّا مَا نُسِبَ إِلَى الشَّيْخِ الفَاضِلِ ابْنِ عُثَيْمِيْنَ رَحِمَهُ اللهُ مِنْ إِبَاحَةِ التَّصْوِيْرِ الفُوْتُوْغَرَافِيِّ مُطْلَقًا فَهُوَ كَذِبٌ وَزُوْرٌ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ صَحِيْحٌ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّصْوِيْر المُحَرَّمِ، وَلَكِنَّهُ أَجَازَهُ فَقَط لِمِثْلِ مَا أَجَزْنَاهُ مِنَ التَّصْوِيْر لِلحَاجَةِ وَالمَصْلَحَةِ، أَمَّا التَّصْوِيْرُ لِلذِّكْرَى وَالحَنِيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَقَدْ نَهَى عَنْهُ رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (439/ 2): (وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ: هَلْ يَحِلُّ هَذَا الفِعْلُ أَوْ لَا؟
وَالجَوَابُ: إِذَا كَانَ لِغَرَضٍ مُحَرَّمٍ صَارَ حَرَامًا، وَإِذَا كَانَ لِغَرَضٍ مُبَاحٍ صَارَ مُبَاحًا; لِأَنَّ الوَسَائِلَ لَهَا أَحْكَامُ المَقَاصِدِ، وَعَلَى هَذَا; فَلَوْ أَنَّ شَخْصًا صَوَّرَ إِنْسَانًا لِمَا يُسَمُّوْنَهُ بِالذِّكْرَى - سَوَاءً كَانَتْ هَذِهِ الذِّكْرَى لِلتَّمَتُّعِ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ أَوِ التَّلَذُّذِ بِهِ أَوْ مِنْ أَجْلِ الحَنَانِ وَالشَّوْقِ إِلَيْهِ -; فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ وَلَا يَجُوْزُ لِمَا فِيْهِ مِنْ اقْتِنَاءِ الصُّوَرِ; لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ صُوْرَةٌ وَلَا أَحَدَ يُنْكِرُ ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ لِغَرَضٍ مُبَاحٍ كَمَا يُوْجَدُ فِي التَّابِعِيَّةِ وَالرُّخْصَةِ وَالجَوَازِ وَمَا أَشْبَهَهُ; فَهَذَا يَكُوْنُ مُبَاحًا، فَإِذَا ذَهَبَ الإِنْسَانُ الَّذِيْ يَحْتَاجُ إِلَى رُخْصَةٍ إِلَى هَذَا المُصَوِّرِ الَّذِيْ تَخْرُجُ مِنْهُ الصُوْرَةُ فَوْرِيَّةً بِدُوْنِ عَمَلٍ - لَا تَحْمِيْضٍ وَلَا غَيْرِهِ - وَقَالَ: صَوِّرْنِي، فَصَوَّرَهُ; فَإِنَّ هَذَا المُصَوِّرَ لَا نَقُوْلُ: إِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الحَدِيْثِ; أَيْ: حَدِيْثِ الوَعِيْدِ عَلَى التَصْوِيْرِ، أَمَّا إِذَا قَالَ: صَوِّرْنِي لِغَرَضٍ آخَرَ غَيْرِ مُبَاحٍ; صَارَ مِنْ بَابِ الإِعَانَةِ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 497
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست