responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 492
المُلْحَقُ الحَادِي عَشَرَ) مَسَائِلُ فِي أَحْكَامِ الصُّوَرِ وَالتَصْوِيْرِ
- المَسْأَلَةُ الأُوْلَى) مَا أَوْجُهُ النَّهْي عَنِ التَصْوِيْرِ؟
الجَوَابُ:
1) مُضَاهَاةُ خَلْقِ اللهِ؛ حَيْثُ جَعَلَ المُصَوِّرُ نَفْسَهُ نِدًّا للهِ تَعَالَى فِي الخَلْقِ وَالتَصْوِيْرِ، وَاللهُ تَعَالَى مِنْ أَسْمَائِهِ المُصَوِّرُ، وَفي الحَدِيْثِ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي). (1)
2) أَنَّ التَّصْوِيْرَ هُوَ مِنْ ذَرَائِعِ الشِّرْكِ، كَمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ؛ قَالَ: (قَالَ لِي عَلِيٌّ: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَلَّا تَدَعَ صُوْرَةً إِلَّا طَمَسْتَهَا وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا؛ إِلَّا سَوَّيْتَهُ). [2] (3)
وَتَأَمَّلْ أَكْثَرَ شِرْكِ الأُمَمِ تَجِدُهُ كَانَ بِتَصْوِيْرِ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ تَعَالَى، فَقَوْمُ نُوْحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَصَبُوا أَنْصَابًا ثُمَّ عَبَدُوْهَا ([4]
وَقَوْمُ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَبَدُوا مَا نَحَتُوا ([5]
وَقَوْمُ مُوْسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَخْرَجَ لَهُمُ السَّامِرِيُّ عِجْلًا جَسَدًا ([6]
وَقَوْمُ عِيْسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَوَّرُوا الصَّالِحِيْنَ فِي مَسَاجِدِهِم. [7] (8)
وَمُشْرِكُو قُرَيْشٍ جَعَلُوا أَصْنَامَهُم كَذَلِكَ، كَمَا قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ [9]: (وَقَوْلُهُ {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُوْنَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُوْنَ} (الأَعْرَاف:198): إِنَّمَا قَالَ: {يَنْظُرُوْنَ إِلَيْكَ} أَيْ: يُقَابِلُوْنَكَ بِعُيُوْنٍ مُصُوْرَة كَأَنَّهَا نَاظِرَةٌ - وَهِيَ جَمَادٌ -، وَلِهَذَا عَامَلَهُم مُعَامَلَةَ مَنْ يَعْقِلُ؛ لِأَنَّهَا عَلَى صُوَرٍ مُصُوْرَةٍ كَالإِنْسَانِ، فَقَالَ: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُوْنَ إِلَيْكَ} فَعبَّرَ عَنْهَا بِضَمِيْرِ مَنْ يَعْقِلُ).

(1) البُخَارِيُّ (5953)، وَمُسْلِمٌ (2111) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
[2] مُسْلِمٌ (969).
(3) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (382/ 10): (وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيْحَيْنِ حَدِيْثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الكَنِيْسَةِ الَّتِيْ كَانَتْ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ وَمَا فِيْهَا مِنَ التَّصَاوِيْرِ؛ وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كَانُوا إِذَا مَاتَ فِيْهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيْهِ تِلْكَ الصُّوَرَ. أُوْلَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ) فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي ذَلِكَ الشَّرْعِ مَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِيْ فَعَلَهُ شَرُّ الخَلْقِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ صُوَرِ الحَيَوَانِ فِعْلٌ مُحْدَثٌ أَحْدَثَهُ عُبَّادُ الصُّوَرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
[4] كَمَا فِي البُخَارِيِّ (4920) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوْثَ وَيَعُوْقَ وَنَسْرًا، وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيْرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِيْنَ إِلَّا ضَلَالًا} (نُوْح:24). قَالَ: (هَذِهِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِيْنَ مِنْ قَوْمٍ نُوْحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِم أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِيْ كَانُوا يَجْلِسُوْنَ فِيْهَا أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا وَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ، وَنُسِيَ العِلْمُ عُبِدَتْ).
[5] كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّوْنَ، قَالَ أَتَعْبُدُوْنَ مَا تَنْحِتُوْنَ، وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُوْنَ) (الصَّافَّات:96).
[6] كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوْسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيْهِمْ سَبِيْلًا اتَّخَذُوْهُ وَكَانُوا ظَالِمِيْنَ} (الأَعْرَاف:148).
[7] كَمَا فِي الحَدِيْثِ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ذَكَرَتْ لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنِيْسَةً رَأَتْهَا بِأَرْضِ الحَبَشَةِ، وَمَا فِيْهَا مِنْ الصُّوَرِ، فَقَالَ: (أُوْلَئِكَ إِذَا مَاتَ فِيْهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَوِ العَبْدُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيْهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُوْلَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ). البُخَارِيُّ (434).
(8) قُلْتُ: وَكَثيرٌ مِنْ مُتَصَوِّفَةِ زَمَنِنَا صَوَّرُوا مَشَائِخَهُم بِـ (الكَامِيْرَا) لِيَسْتَحْضِرُوا صُوَرَهُمْ فِي الذِّكْرِ المُسَمَّى بِـ (الرَّابِطَةِ الشَّرِيْفَةِ)؛ فَكَانُوا أَبْعَدَ مَا يَكُوْنُ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي مَقَامِ الإِحْسَانِ (أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (8) عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
[9] (530/ 3).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 492
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست