responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 483
- الفِرْقَةُ الرَّابِعَةُ) الجَهْمِيَّةُ:
1) تَعْرِيْفُهَا:
(هُمْ نُفَاةُ صِفَاتِ اللهِ؛ المُتَّبِعُوْنَ لِلصَّابِئَةِ الضَّالَّةِ). (1)
2) نَشْأَتُهَا:
(إِنَّ أَوَّلَ مَنْ حُفِظَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ هَذِهِ المَقَالَةَ فِي الإِسْلَامِ - أَعْنِي أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ عَلَى العَرْشِ حَقِيْقَةً وَأَنَّ مَعْنَى اسْتَوَى بِمَعْنَى اسْتَوْلَى وَنَحْوَ ذَلِكَ - هُوَ الجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ [2] وَأَخَذَهَا عَنْهُ الجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ؛ وَأَظْهَرَهَا فَنُسِبَتْ مُقَالَةُ الجَهْمِيَّةِ إلَيْهِ). (3)
وَانْشَقَّ عَنْهَا مَذْهَبُ المُعْتَزِلَةِ وَمَذْهَبُ الأَشَاعِرَةِ وَمَذْهَبُ المَاتُرِيْدِيَّةِ.
وَ (المُعْتَزِلَةُ: مِنَ القَدَرِيَّةِ، زَعَمُوا أَنَّهُم اعْتَزَلوا فِئَتَيِ الضَّلَالَةِ عِنْدَهُم: أَهْلَ السُّنَّةِ، وَالخَوَارِجَ. أَوْ سَمَّاهُم بِهِ الحَسَنُ (البَصْرِيُّ) لَمَّا اعْتَزَلَهُ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أُسْطُوَانَةٍ مِنْ أُسْطُوَانَاتِ المَسْجِدِ؛ وَشَرَعَ يُقَرِّرُ القَوْلَ بِالمَنْزِلَةِ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْنِ، وَأَنَّ صَاحِبَ الكَبِيْرَةِ لَا مُؤْمِنٌ مُطْلَقٌ وَلَا كَافِرٌ مُطْلَقٌ؛ بَلْ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْنِ). (4)
وَهُمْ يُثْبِتُوْنَ أَسْمَاءَ اللهِ تَعَالَى مُجَرَّدَةً عَنِ الصِّفَاتِ وَالمَعَانِي، فَيَجْعَلُوْنَهَا أَعْلَامًا مَحْضَةً.

(1) مَجْمُوْعُ الفَتَاوَى (358/ 12).
وَقَالَ فِي المُعْجَمُ الوَسِيْطُ (144/ 1): (الجَهْمِيَّةُ: طَائِفَةٌ مِنَ الخَوَارِجِ مِنَ المُرْجِئَةِ).
وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (تَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ) (191/ 1): (وَفي هَذَا الزَّمَانِ (أَي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ التَّابِعِيْنَ) ظَهَرَ بِالبَصْرَةِ عَمْرو بْنُ عُبَيْدٍ العَابِدُ, وَوَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ الغَزَّالُ, وَدَعَوا النَّاسَ إِلَى الاعْتِزَالِ وَالقَوْلِ بِالقَدَرِ, وَظَهَرَ بِخُرَاسَان الجَهْمُ بْنُ صَفْوَان وَدَعَا إِلَى تَعْطِيْلِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَخَلْقِ القُرْآنِ).
[2] قَالَ ابْنُ أَبِي العِزِّ الحَنَفِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ العَقِيْدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ (ص522): (وَالجَهْمِيَّةُ: هُمُ المُنْتَسِبُوْنَ إِلَى جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَهُوَ الَّذِيْ أَظْهَرَ نَفْيَ الصِّفَاتِ وَالتَّعْطِيْلَ، وَهُوَ أَخَذَ ذَلِكَ عَنِ الجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ الَّذِيْ ضَحَّى بِهِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيُّ بِوَاسِطَ، فَإِنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي يَوْمِ عِيْدِ الأَضْحَى، وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللهُ ضَحَايَاكُمْ، فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلًا وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوْسَى تَكْلِيْمًا - تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُوْلُ الجَعْدُ عُلُوًّا كَبِيْرًا - ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ. وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِفْتَاءِ عُلَمَاءِ زَمَانِهِ، وَهُمُ السَّلَفُ الصَّالِحُ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.
وَكَانَ الجَهْمُ بَعْدَهُ بِخُرَاسَانَ، فَأَظْهَرَ مَقَالَتَهُ هُنَاكَ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهَا نَاسٌ؛ بَعْدَ أَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا شَكًّا فِي رَبِّهِ! وَكَانَ ذَلِكَ لِمُنَاظَرَتِهِ قَوْمًا مِنَ المُشْرِكِيْنَ، يُقَالُ لَهُمُ السُّمَنِيَّةُ - مِنْ فَلَاسِفَةِ الهِنْدِ الَّذِيْنَ يُنْكِرُونَ مِنَ العِلْمِ مَا سِوَى الحِسِّيَّاتِ - قَالُوا لَهُ: هَذَا رَبُّكَ الَّذِيْ تَعْبُدُهُ؛ هَلْ يُرَى أَوْ يُشَمُّ أَوْ يُذَاقُ أَوْ يُلْمَسُ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالُوا: هُوَ مَعْدُومٌ!! فَبَقِيَ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا لَا يَعْبُدُ شَيْئًا، ثُمَّ لَمَّا خَلَا قَلْبُهُ مِنْ مَعْبُوْدٍ يُؤَلِّهُهُ، نَقَشَ الشَّيْطَانُ اعْتِقَادًا نَحَتَهُ فِكْرُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ الوُجُوْدُ المُطْلَقُ!! وَنَفَى جَمِيْعَ الصِّفَاتِ، وَاتَّصَلَ بِالجَعْدِ).
(3) مَجْمُوْعُ الفَتَاوَى (20/ 5).
وَتَتِمَّةُ كَلَامِهِ رَحِمَهُ اللهُ: (وَقَدْ قِيْلَ: إنَّ الجَعْدَ أَخَذَ مَقَالَتَهُ عَنْ أَبَانَ بْنِ سَمْعَانَ، وَأَخَذَهَا أَبَانُ عَنْ طَالُوْتَ ابْنِ أُخْتِ لَبِيْدِ بْنِ الأَعْصَمِ، وَأَخَذَهَا طَالُوْتُ مِنْ لَبِيْدِ بْنِ الأَعْصَمِ اليَهُوْدِيِّ السَّاحِرِ - الَّذِيْ سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ الجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ هَذَا - فِيْمَا قِيْلَ - مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ وَكَانَ فِيْهِمْ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الصَّابِئَةِ وَالفَلَاسِفَةِ - بَقَايَا أَهْلِ دِيْنِ نُمْرُوْدَ وَالكَنْعَانِيِّيْنَ الَّذِيْنَ صَنَّفَ بَعْضُ المُتَأَخِّرِيْنَ فِي سِحْرِهِمْ - وَنُمْرُوْدُ هُوَ مَلِكُ الصَّابِئَةِ الكَلْدَانِيِّينَ المُشْرِكِيْنَ، كَمَا أَنَّ كِسْرَى مَلِكُ الفُرْسِ وَالمَجُوْسِ، وَفِرْعَوْنَ مَلِكُ مِصْرَ، وَالنَّجَاشِيَّ مَلِكُ الحَبَشَةِ، وَبَطْلَيْمُوْسَ مَلِكُ اليُونَانِ، وَقَيْصَرَ مَلِكُ الرُّومِ، فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لَا اسْمَ عَلَمٍ، فَكَانَتْ الصَّابِئَةُ - إِلَّا قَلِيْلًا مِنْهُمْ - إذْ ذَاكَ عَلَى الشِّرْكِ وَعُلَمَاؤُهُمْ هُمُ الفَلَاسِفَةُ، وَإِنْ كَانَ الصَّابِئُ قَدْ لَا يَكُوْنُ مُشْرِكًا؛ بَلْ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِيْنَ آمَنُوا وَالَّذِيْنَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِيْنَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُوْنَ} (البَقَرَة:62)، وَقَالَ: {إنَّ الَّذِيْنَ آمَنُوا وَالَّذِيْنَ هَادُوا وَالصَّابِئُوْنَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُوْنَ} (المَائِدَة:69). لَكِنَّ كَثِيْرًا مِنْهُمْ أَوْ أَكْثَرَهُمْ كَانُوا كُفَّارًا أَوْ مُشْرِكِيْنَ؛ كَمَا أَنَّ كَثِيْرًا مِنَ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى بَدَّلُوا وَحَرَّفُوا وَصَارُوا كُفَّارًا أَوْ مُشْرِكِيْنَ فَأُوْلَئِكَ الصَّابِئُوْنَ - الَّذِيْنَ كَانُوا إذْ ذَاكَ - كَانُوا كُفَّارًا أَوْ مُشْرِكِيْنَ وَكَانُوا يَعْبُدُوْنَ الكَوَاكِبَ وَيَبْنُوْنَ لَهَا الهَيَاكِلَ).
(4) قَالَهُ فِي القَامُوْسِ المُحِيْطِ (ص1031).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 483
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست