responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 484
وَأُصُوْلُ المُعْتَزِلَةِ خَمْسَةٌ:
أ- التَّوْحِيْدُ: وَهُوَ - عِنْدَهُم - نَفْيُ المُمَاثَلَةِ عَنِ اللهِ تَعَالَى، وَعَلَيْهِ فَتُنْفى الصِّفَاتُ عَنِ اللهِ تَعَالَى!! فَالصِّفَاتُ الإِلَهِيَّةُ المَقْصُوْدُ بِهَا - عِنْدَهُم - نَفْسُ اللهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الصِّفَاتِ يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الذَّاتِ عِنْدَهُم!!
ب- العَدْلُ: يَقُوْلُوْنَ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُحِبُّ الفَسَادَ - وَهُوَ صَحِيْحٌ بِهَذَا القَدْرِ -؛ لَكِنَّهُم يَبْنُوْنَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَخْلُقُ أَفْعَالَ عِبَادِهِ بَلْ جَعَلَ لَهُم قُدْرَةً يَخْلِقُوْنَ بِهَا أَفْعَالَهُم.
ج- إِنْفَاذُ الوَعِيْدِ: بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْعَدَ المُرْتَكِبَ لِلكَبِيْرَةِ بِالنَّارِ؛ فَسَيَخْلُدُ فِيْهَا حَتْمًا وَلَا يَجْعَلُوْنَ عِقَابَهُ تَحْتَ المَشِيْئَةِ، فَلَا يُغْفَرُ لَهُ - عِنْدَهُم - إِلَّا إِنْ تَابَ مِنْهَا. (1)
د- المَنْزِلَةُ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْنِ: وَتَعْنِي أَنَّ مُرْتَكِبَ الكَبِيْرَةِ فِي مَنْزِلَةٍ بَيْنَ الإِيْمَانِ وَالكُفْرِ؛ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ.
هـ- الأَمْرُ بِالمَعْرُوْفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ: فَيَقُوْلُوْنَ بِوُجُوْبِ الخُرُوْجِ عَلَى الحَاكِمِ إِذَا خَالَفَ وَانْحَرَفَ عَنِ الحَقِّ. (2)
- أَمَّا الأَشَاعِرَةُ [3]: فَيُنْسَبُوْنَ إِلَى أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ، وَكَانَ مُعْتَزِلِيًّا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بُطْلَانُ مَذْهَبِهِم وَصَارَ إِلَى مَذْهَبِ الكُلاَّبِيَّةِ؛ أَتْبَاعِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيْدٍ بْنِ كُلاَّب - وَالَّذِيْ كَانَ يُثبِتُ سَبْعَ صِفَاتٍ، وَيَنْفِي مَا عَدَاهَا [4] - ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى مَنَّ عَلَى أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ وَتَرَكَ مَذْهَبَ الكُلاَّبِيَّةِ وَرَجَعَ إِلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ وَقَوْلِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل رَحِمَهُ اللهُ. (5)
وَلِكنَّ أَتْبَاعَهُ بَقَوا عَلَى مَذْهَبِ الكُلَّابيَّةِ؛ فَغَالِبُهُم لَا يَزَالُونَ عَلَى مَذْهَبِهِ الثَّانِي، وَلِذَلِكَ يُسَمَّوْنَ بِالأَشْعَرِيَّةِ؛ نِسْبَةً إِلَى الأَشْعَرِيِّ فِي مَذْهَبِهِ الأَوَّلِ - قَبْلَ مَذْهَبِ السَّلَفِ -. (6)
3) أَبْرَزُ بِدَعِهَا (أَيْ الجَهْمِيَّة):
أ) نَفيُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنِ اللهِ تَعَالَى. (7)
ب) أَنَّ العَبْدَ لَيْسَ لَهُ مَشِيْئَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجْبَرٌ عَلَى أَفْعَالِهِ.
جـ) أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ.
د) أَنَّ العَمَلَ لَيْسَ مِنَ الإِيْمَانِ؛ فَهُمْ مُرْجِئَةٌ. (8)

(1) قُلْتُ: وَفِي الحَدِيْثِ (مَنْ وَعَدَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا، فَهُوَ مُنْجِزُهُ لَهُ، وَمَنْ وَعَدَهُ عَلَى عَمَلٍ عِقَابًا، فَهُوَ فِيْهِ بِالخِيَارِ). صَحِيْحٌ. أَبُو يَعْلَى (3316) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (2463).
(2) قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (229/ 12): (وَأَمَّا الخُرُوْجُ عَلَيْهِم وَقِتَالُهُم (أَي وُلَاةُ الأُمُوْرِ) فَحَرَامٌ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِيْنَ - وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِيْنَ -، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الأَحَادِيْثُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ أنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ السُّلْطَانُ بِالفِسْقِ).
[3] وَقَرِيْبٌ مِنْهَا المَاتُرِيْدِيَّةُ؛ المَنْسُوْبُوْنَ إِلَى أَبي مَنْصُوْرٍ المَاتُرِيْدِيِّ الحَنَفيِّ (ت 333 هـ).
[4] بِدَعْوَى أَنَّ العَقْلَ لَا يَدُلُّ إِلَا عَلَى سَبْعِ صِفَاتٍ فَقَط، وَهِيَ: العِلْمُ وَالقُدْرَةُ وَالإِرَادَةُ وَالسَّمْعُ وَالبَصَرُ وَالكَلَامُ (النَّفْسِيُّ) وَالحَيَاةُ.
(5) قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي السِّيَرِ (85/ 15): ((عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ إِسْحَاقَ: العَلاَّمَةُ؛ إِمَامُ المُتَكَلِّمِين؛ .. وَلَمَّا بَرَعَ فِي مَعْرِفَةِ الاعْتِزَالِ، كَرِهَهُ وَتبرَّأَ مِنْهُ، وَصَعِدَ لِلنَّاسِ، فتَابَ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنْهُ، ثُمَّ أَخَذَ يَرُدُّ عَلَى المُعْتَزِلَة، وَيَهْتِكُ عِوَارَهُم. قَالَ الفَقِيْهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ: كَانَتِ المُعْتَزِلَةُ قَدْ رَفَعُوا رُؤُوْسَهُم؛ حَتَّى نَشَأَ الأَشْعَرِيُّ فَحَجَرَهُم فِي أَقمَاع السِّمْسِمِ.
وَعَنِ ابْنِ البَاقلَانِيِّ قَالَ: أَفْضَلُ أَحْوَالِي أَنْ أَفهَمَ كَلَامَ الأَشْعَرِيِّ.
قُلْتُ: رَأَيْتُ لأَبِي الحَسَنَ أَرْبَعَةَ توَالِيْف فِي الأُصُوْلِ يَذْكُرُ فِيْهَا قوَاعِدَ مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي الصِّفَاتِ، وَقَالَ فِيْهَا: (تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ). ثُمَّ قَالَ: (وَبِذَلِكَ أَقُوْلُ، وَبِهِ أَدِيْنُ، وَلَا تُؤوَّلُ)). (ت 324 هـ)).
(6) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (طَبَقَاتُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ) (210/ 1): (ذَكَرُوا لِلشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، أَوَّلُهَا: حَالُ الاعْتِزَالِ الَّتِيْ رَجَعَ عَنْهَا لَا مَحَالَةَ.
وَالحَالُ الثَّانِي: إِثْبَاتُ الصِّفَاتِ العَقْلِيَّةِ السَّبْعَةِ، وَهِيَ: الحَيَاةُ وَالعِلْمُ وَالقُدْرَةُ وَالإِرَادَةُ وَالسَّمْعُ وَالبَصَرُ وَالكَلَامُ، وَتَأْوِيْلُ الخَبَرِيَّةِ كَالوَجْهِ وَاليَدِيْنِ وَالقَدَمِ وَالسَّاقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَالحَالُ الثَّالِثُ: إِثْبَاتُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيْفٍ وَلَا تَشْبِيْهٍ، جَرْيًا عَلَى مِنْوَالِ السَّلَفِ، وَهِيَ طَرِيْقَتُهُ فِي الإِبَانَةِ الَّتِيْ صَنَّفَهَا آخِرًا؛ وَشَرَحَهَا القَاضِي البَاقِلَّانِيُّ، وَنَقَلَهَا الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ بْنُ عَسَاكِر، وَهِيَ الَّتِيْ مَالَ إِلَيْهَا البَاقِلَّانِيُّ وَإِمَامُ الحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ (ـهِ) المُتَقَدِّمِيْنَ فِي أَوَاخِرِ قَوْلِهِم. وَاللهُ أَعْلَمُ).
(7) لِأَنَّ إِثْبَاتَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ - بِزَعْمِهِم - يَقْتَضِي الشِّرْكَ وَتَعَدُّدَ الآلِهَةِ، وَيَقتَضِي أَيْضًا التَّشْبِيْهَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ يُوْجَدُ مِثْلُهَا فِي المَخْلُوْقَاتِ.
(8) قَالَ ابْنُ أَبي العِزِّ الحَنَفِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ العَقِيْدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ (ص332): (ذَهَبَ الجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ وَأَبُو الحَسَنِ الصَّالِحِيُّ - أَحَدُ رُؤُوْسِ القَدَرِيَّةِ - إِلَى أَنَّ الإِيْمَانَ هُوَ المَعْرِفَةُ بِالقَلْبِ! وَهَذَا القَوْلُ أَظْهَرُ فَسَادًا مِمَّا قَبْلَهُ! فَإِنَّ لَازِمَهُ أَنَّ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ كَانُوا مُؤْمِنِيْنَ، فَإِنَّهُم عَرَفُوا صِدْقَ مُوْسَى وَهَارُوْنَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِمَا، وَلِهَذَا قَالَ مُوْسَى لِفِرْعَوْنَ: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ} (الإِسْرَاء:102)، وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِيْنَ} (النَّمْل:14)).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 484
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست