responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 445
مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- مَسْأَلَةٌ) ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّ عَدَمَ إِجَابَةِ مَنْ سَأَلَ بِاللهِ هُوَ مَكْرُوْهٌ فَقَط وَلَيْسَ لِلتَّحْرِيْمِ؛ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيْثِ (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُوْلَ اللهِ؛ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِيْ أَخْطَأْتُ. قَالَ: (لَا تُقْسِمْ)) [1]؛ فَفِيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ لَمْ يُجِبْ طَلَبَهُ، فَمَا الجَوَابُ؟
الجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ:
1) أَنَّ الحَدِيْثَ السَّابِقَ لَيْسَ فِيْهِ السُّؤَالُ بِاللهِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا فِيْهِ القَسَمُ بِاللهِ - وَإِنْ كَانَ قَرِيْبًا مِنْهُ مِنْ جِهَةِ إِظْهَارِ التَّعْظِيْمِ بِإِبْرَارِهِ -، وَلَكِنْ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا. (2)
2) أَنَّ امْتِنَاعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ قَد يَكُوْنُ لِضَرُوْرَةٍ شَرْعِيَّةٍ؛ أَوْ فِيْهَا مَا لَا يَنْبَغِي تَفْسِيْرُهُ وَذِكْرُهُ [3]. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
3) قَدْ جَاءَ فِي حَدِيْثِ الثَّلَاثَةِ - الأَقْرَعِ وَالأَبْرَصِ وَالأَعْمَى - بَيَانُ أَنَّ السَّخَطَ وَقَعَ عَلَى مَنْ لَمْ يُجِبْ سُؤَالَ المَلَكِ بِاللهِ، وَالَّذِيْ فِيْهِ (أَسْأَلُكَ بِالَّذِيْ)، فَمِثْلُهُ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ فَقَط لِلكَرَاهَةِ. وَاللهُ أَعْلَمُ. (4)
4) أَنَّ أَلْفَاظَ أَحَادِيْثِ النَّهْي هُنَا لَا تَقْبَلُ الحَمْلَ عَلَى الكَرَاهَةِ، كَمَا فِي الحَدِيْثِ ((وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ؟) قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ. قَالَ: (الَّذِيْ يُسْأَلُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُعْطِي بِهِ)) [5]، وَكَمَا فِي مَنْ مَنَعَ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللهَ؛ فَقَالَ فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (مَلْعُوْنٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ ثُمَّ مَنَعَ سَائِلَهُ)، وَقَدْ سَبَقَ.

[1] وَالحَدِيْثُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7046)، وَمُسْلِمٌ (2269)، وَهُوَ بِتَمَامِهِ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ يُحَدِّثُ (أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي المَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُوْنَ مِنْهَا؛ فَالمُسْتَكْثِرُ وَالمُسْتَقِلُّ. وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ؛ فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ، ثُمَّ وُصِلَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُوْلَ اللهِ؛ بِأَبِي أَنْتَ وَاللَّهِ! لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرُهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اعْبُرْهَا)، قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ؛ فَالإِسْلَامُ، وَأَمَّا الَّذِيْ يَنْطُفُ مِنَ العَسَلِ وَالسَّمْنِ؛ فَالقُرْآنُ - حَلَاوَتُهُ تَنْطُفُ -؛ فَالمُسْتَكْثِرُ مِنَ القُرْآنِ وَالمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالحَقُّ الَّذِيْ أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيْكَ اللهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُوْلَ اللهِ - بِأَبِي أَنْتَ - أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا) قَالَ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُوْلَ اللهِ؛ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِيْ أَخْطَأْتُ. قَالَ: (لَا تُقْسِمْ)).
(2) وَلَا يَخْفَى الفَرْقُ بَينَ السُّؤَالِ بِالرَّحِمِ - وَهُوَ جَائِزٌ - وَبَينَ سُؤَالِ الرَّحِمِ نَفْسِهَا - وَهِيَ مَخْلُوْقَةٌ -، قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِيْ تَسَاءَلُوْنَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} (النِّسَاء:1).
[3] كَمَا فِي الحَدِيْثِ (إِنَّ الرُّؤْيَا تَقَعُ عَلَى مَا تُعَبَّرُ، وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ رَفَعَ رِجْلَهُ فَهُوَ يَنْتَظِرُ مَتَى يَضَعُهَا، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا نَاصِحًا أَوْ عَالِمًا). صَحِيْحٌ. الحَاكِمُ (8177) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (120).
(4) عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إِنَّ السَّخَطَ فِي الحَدِيْثِ كَانَ مُرَتَّبًا عَلَى أَمْرَيْنِ مَعًا - وَلَيْسَ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ - وَهُمَا: الاضْطِرَارُ وَالسُّؤَالُ بِاللهِ.
[5] صَحِيْحٌ. النَّسَائيُّ (2569). الصَّحِيْحَةُ (255).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 445
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست