responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 444
- قُلْتُ: يَشْهَدُ لِعُمُوْمِ المَنْعِ مِنَ سُؤَالِ المَخْلُوْقِ بِوَجْهِ اللهِ حَدِيْثُ (مَلْعُوْنٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللهِ، وَمَلْعُونٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ ثُمَّ مَنَعَ سَائِلَهُ؛ مَا لَمْ يَسْأَلْ هُجْرًا) - وَقَدْ سَبَقَ -.
وَيَشْهَدُ لِاسْتِثْنَاءِ سُؤَالِ الخَالِقِ بِوَجْهِهِ فِي أَمْرِ الدِّيْنِ - وَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنَ أَمْرِ الدُّنْيَا - حَدِيْثُ (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} (الأَنْعَام:65) قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعُوْذُ بِوَجْهِكَ) قَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: (أَعُوْذُ بِوَجْهِكَ) {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيْقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذَا أَهْوَنُ؛ أَوْ هَذَا أَيْسَرُ)). (1)
فَحَدِيثُ البَابِ صَحِيْحُ المَعْنَى؛ إِلَّا أَنَّهُ يَزِيْدُ قَيْدًا وَهُوَ أَنْ لَا يُسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ إِلَّا الجَنَّةَ؛ وَهَذَا الحَصْرُ يُوَافِقُ مَا سَبَقَ مِنْ لَفْظِ الحَدِيْثِ (أَعُوْذُ بِوَجْهِكَ) فِي دَفْعِ العَذَابِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ فِيْهِ طَلَبَ ضِدِّهِ وَهُوَ طَلَبُ النَّجَاةِ إِلَى الجَنَّةِ بِسَلَامٍ.
- فَائِدَة [1]) رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ عَنْ عَطَاءَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ أَوْ بِالقُرْآنِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا. (2)
- فَائِدَة [2]) للهِ تَعَالَى صِفَةُ الوَجْهِ - كَمَا يَلِيْقُ بِجَلَالِهِ وَكَمَالِهِ -، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِيْهِ، قَالَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيمَةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (كِتَابُ التَّوْحِيْدِ): (فَنَحْنُ - وَجَمِيْعُ عُلَمَائِنَا مِنْ أَهْلِ الحِجَازِ وَتِهَامَةَ وَاليَمَنِ وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ - مَذْهَبُنَا: أَنَّا نُثْبِتُ لِلَّهِ مَا أَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ، نُقِرُّ بِذَلِكَ بِأَلْسِنَتِنَا، وَنُصَدِّقُ ذَلِكَ بِقُلُوْبِنَا؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ نُشَبِّهَ وَجْهَ خَالِقِنَا بِوَجْهِ أَحَدٍ مِنَ المَخْلُوْقِيْنَ، عَزَّ رَبُّنَا عَنْ أَنْ يُشَبَّهَ بِالمَخْلُوْقِيْنَ، وَجَلَّ رَبُّنَا عَنْ مَقَالَةِ المُعَطِّلِيْنَ، وَعَزَّ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ عَدَمًا كَمَا قَالَهُ المُبْطِلُوْنَ، لأَنَّ مَا لَا صِفَةَ لَهُ عَدَمٌ، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُوْلُ الجَهْمِيُّوْنَ الَّذِيْنَ يُنْكِرُوْنَ صِفَاتِ خَالِقِنَا الَّذِيْ وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ فِي مُحْكَمِ تَنْزِيْلِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). (3)
- فَائِدَة [3]) قَالَ بَعْضُهُم: وَجْهُ اللهِ؛ المُرَادُ بِهِ القِبْلَةُ [4] أَوِ الجِهَةُ أَوِ الثَّوَابُ [5] وَلَيْسَ للهِ تَعَالَى وَجْهٌ حَقِيْقِيٌّ! وَالصَّوَابُ أنَّهُ وَجْهٌ للهِ حَقِيْقِيٌّ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ} (الرَّحْمَن:27)، فَإِذَا كَانَ الوَجْهُ مَوْصُوْفًا بِالجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الثَّوَابُ أَوِ الجِهَةُ. (6)

[1] البُخَاريُّ (4628) عَنْ جَابِرٍ.
[2] مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ (10794). الصَّحِيْحَةُ (253).
[3] التَّوْحِيْدُ لِابْنِ خُزَيْمَةَ (26/ 1).
[4] كَمَا نَقَلَهُ البَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ (الأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ) عَنِ الشَّافِعِيِّ وَمُجَاهِدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ.
فَأَمَّا أَثَرُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ هَذَا فَقَد أَوْرَدَهُ البَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (أَحْكَامُ القُرْآنِ لِلشَّافِعِيِّ) (64/ 1) قَالَ: (قَرَأْتُ فِي كِتَابِ المُخْتَصَرِ الكَبِيْرِ فِيْمَا رَوَاهُ أَبو إِبْرَاهِيْمَ المُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ ...) فَهُوَ وِجَادَةٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ. اُنْظُرْ تَحْقِيْقَ كِتَابِ (الأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ للبَيْهَقِيِّ) (239/ 4) - طَبْعَةَ دَارِ الرِّسَالَةِ - لِلأَخِ الفَاضِلِ (سَعْدِ بِنِ نَجْدَت آل عُمَر).
وَأَمَّا أَثَرُ مُجَاهِدٍ فَقَد رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (56/ 5) وَالطَّبَرِيُّ فِي التَّفْسِيْرِ (536/ 2).
[5] أَيْ: كُلُّ عَمَلٍ هُوَ بَاطِلٌ إِلَّا مَا ابْتُغِيَ بِهِ اللهُ وَحْدَهُ؛ وَهُوَ المَقْصُوْدُ بِـ (وَجْهِ اللهِ).
(6) وَهَذَا لَا يَعْني أَنَّهُ قَد لَا يَأْتِي بِمَعْنَى الثَّوَابِ فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى (193/ 3) - فِي مَعْرِضِ ذِكْرِ رَدِّهِ فِي مَجْلِسِ مُنَاظَرَةٍ -: (فَأَحْضَرَ بَعْضُ أَكَابِرِهِمْ كِتَابَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لِلبَيهَقِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى؛ فَقَالَ: هَذَا فِيْهِ تَأْوِيْلُ الوَجْهِ عَنِ السَّلَفِ، فَقُلْتُ: لَعَلَّك تَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى {وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} (البَقَرَة:115) فَقَالَ: نَعَمْ. قَدْ قَالَ مُجَاهِدٌ وَالشَّافِعِيُّ - يَعْنِي قِبْلَةَ اللهِ -. فَقُلْتُ: نَعَمْ: هَذَا صَحِيْحٌ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَهَذَا حَقٌّ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الآيَةُ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ، وَمَنْ عَدَّهَا فِي الصِّفَاتِ فَقَدْ غَلِطَ كَمَا فَعَلَ طَائِفَةٌ؛ فَإِنَّ سِيَاقَ الكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى المُرَادِ حَيْثُ قَالَ: {وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} وَالمَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ الجِهَاتُ. وَالوَجْهُ هُوَ الجِهَةُ؛ يُقَالُ: أَيُّ وَجْهٍ تُرِيْدُهُ؟ أَيْ: أَيُّ جِهَةٍ، وَأَنَا أُرِيدُ هَذَا الوَجْهَ؛ أَيْ: هَذِهِ الجِهَةَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيْهَا} (البَقَرَة:148) وَلِهَذَا قَالَ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} أَيْ: تَسْتَقْبِلُوا وَتَتَوَجَّهُوا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 444
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست