responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 443
الشَّرْحُ
- إِنَّ التَّوَسُّلَ بِالأَمْرِ العَظِيْمِ فِي الشَّيْءِ الصَّغِيْرِ هُوَ تَقْلِيْلٌ لِشَأْنِهِ، فَلَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللهِ - تَعْظِيْمًا لَهُ - إِلَّا أَعْلَى المَطَالِبِ ألَا وَهِيَ الجَنَّةُ، فَفِي هَذَا البَابِ مُمَاثَلَةٌ لِمَا سَبَقَ مِنَ الأَبْوَابِ فِي الآدَابِ اللَّفْظِيَّةِ فِي تَعْظِيمِ جَنَابِ اللهِ تَعَالَى.
- إِنَّ النُّصُوْصَ الشَّرْعِيَّةَ - فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ عُمُوْمًا - دَلَّتْ عَلَى:
وُجُوْبِ إِجَابَةِ مَنْ سُئِلَ بِاللهِ - وَقَدْ سَبَقَ فِي البَابِ المَاضِي بَيَانُهُ -،
وَأَيْضًا دَلَّتْ عَلَى جَوَازِ أَنْ يَسْأَلَ العَبْدُ العَبْدَ بِاللهِ أَمْرًا مِنْ أُمُوْرِ الدُّنْيَا - كَمَا فِي الآيَةِ الكَرِيْمَةِ {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِيْ تَسَاءَلُوْنَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيْبًا} (النِّسَاء:[1])، وَحَدِيْثِ المَلَكِ وَالثَّلَاثَةِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ الَّذِيْ سَبَقَ -،
وَأَيْضًا عَلَى تَحْرِيْمِ سُؤَالِ العَبْدِ لِلعَبْدِ بِوَجْهِ اللهِ أَمْرًا مِنْ أُمُوْرِ الدُّنْيَا - كَمَا سَيَأْتِي فِي الحَدِيْثِ -،
وَأَيْضًا دَلَّتْ عَلَى مَنْعِ سُؤَالِ اللهِ بَوَجْهِهِ إِلَّا الجَنَّةَ - كَمَا فِي حَدِيْثِ البَابِ، وَسَيَأْتِي عَنْ عَطَاءَ رَحِمَهُ اللهُ مَا يُؤَيِّدُهُ -. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
- البَابُ المَاضِي كَانَ الحُكْمُ فِيْهِ مُتَوَجِّهًا إِلَى المَسْئُوْلِ، وُهُنَا الحُكْمُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى السَّائِلِ.
- قَوْلُهُ (لَا يُسْأَلُ): هَذَا نَفْيٌ، وَالنَّفْيُ هُنَا مُتَضَمِّنٌ للنَّهْي.
- الحَدِيْثُ ضَعِيْفُ الإِسْنَادِ، وَلَكِنَّ النَّهيَ عَنْ السُؤَالِ بِوَجْهِ اللهِ أَمْرًا مِنْ أُمُوْرِ الدُّنْيَا صَحِيْحٌ، لحَدِيْثِ (مَلْعُوْنٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللهِ، وَمَلْعُوْنٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ الله ثُمَّ مَنَعَ سَائِلَهُ؛ مَا لَمْ يَسْأَلْ هُجْرًا). [1] (2)
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (فَائِدَةٌ: فِي الحَدِيْثِ [3] تَحْرِيْمُ سُؤَالِ شَيْءٍ مِنْ أُمُوْرِ الدُّنْيَا بِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى، وَتَحْرِيْمِ عَدَمِ إِعْطَاءِ مَنْ سَأَلَ بِهِ تَعَالَى.
قَالَ السِّنْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى النَّسَائِيِّ: ((الذِيْ يَسْأَلُ بِاللهِ) عَلَى بِنَاءِ الفَاعِلِ، أَي الَّذِيْ يَجْمَعُ بَينَ القُبْحَتَيْنِ، أَحَدُهُمَا: السُّؤَالُ بِاللهِ، وَالثَّانِي: عَدَمُ الإِعْطَاءِ لِمَنْ يُسْأَلُ بِهِ تَعَالَى؛ فَمَا يُرَاعِي حُرْمَةَ اسْمِهِ تَعَالَى فِي الوَقْتَيْنِ جَمِيْعًا.
وَأَمَّا جَعْلُهُ مَبْنِيًّا لِلمَفْعُولِ فَبَعِيْدٌ؛ إِذْ لَا صُنْعَ للعَبْدِ فِي أَنْ يَسْأَلَهُ السَّائِلُ بِاللهِ، فَلَا وَجْهَ لِلجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَينَ تَرْكِ الإِعْطَاءِ فِي هَذَا المَحَلِّ).
قُلْتُ (الأَلْبَانِيُّ): وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيْمِ عَدَمِ الإِعْطَاءِ لِمَنْ يَسْأَلُ بِهِ تَعَالَى حَدِيْثُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ المُتَقَدِّمَيْن: (وَمَنْ سَأَلَكُم بِاللهِ فَأَعْطُوْهُ)، وَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيْمِ السُّؤَالِ بِهِ تَعَالَى حَدِيْثُ (لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللهَ إِلَّا الجَنَّةَ) وَلَكِنَّهُ ضَعِيْفُ الإِسْنَادِ كَمَا بَيَّنَهُ المُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَكِنَّ النَّظَرَ الصَّحِيْحَ يَشْهَدُ لَهُ [4]، فَإِنَّهُ إِذَا ثَبَتَ وُجُوْبُ الإِعْطَاءِ لِمَنْ سَأَلَ بِهِ تَعَالَى - كَمَا تَقَدَّمَ - فَسُؤَالُ السَّائِلِ بِهِ؛ قَدْ يُعَرِّضُ المَسْؤُولَ لِلوُقُوْعِ فِي المُخَالَفَةِ وَهِيَ عَدَمُ إِعْطَائِهِ إِيَّاهُ مَا سَأَلَ وَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا أَدَّى إِلَى مُحَرَّمٍ فَهُوَ مُحَرَّمٌ، فَتَأَمَّلْ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيْبًا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ أَوْ بِالقُرْآنِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَوُجُوْبُ الإِعْطَاءِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ المَسْؤُوْلُ قَادِرًا عَلَى الإِعْطَاءِ وَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِهِ أَوْ بِأَهْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ). (5)

[1] حَسَنٌ. تَارِيْخُ ابْنِ عَسَاكِر (58/ 26) عَنْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (2290).
(2) قَالَ الحَافِظُ السَّخَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (المَقَاصِدُ الحَسَنَةُ) (ص370): (يَعْنِي: شَيْئًا قَبِيْحًا لَا يَلِيْقُ أَوْ يَكُوْنُ سُؤَالُهُ بِلَفْظٍ قَبِيْحٍ).
[3] وَهُوَ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا؟). قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُوْلَ اللهِ. قَالَ: (رَجُلٌ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ فِي سَبِيْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوْتَ أَوْ يُقْتَلَ. وَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِيْ يَلِيْهِ؟). قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ. قَالَ: (رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ؛ يُقِيْمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيَعْتَزِلُ شُرُوْرَ النَّاسِ. وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ؟). قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ. قَالَ: (الَّذِيْ يُسْأَلُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُعْطِي بِهِ). صَحِيْحٌ. النَّسَائيُّ (2569). الصَّحِيْحَةُ (255).
[4] أَيْ: يَشْهَدُ لِمَنْعِ السُّؤَالِ - كَمَا تَجِدُهُ مِنَ السِّيَاقِ -.
(5) الصَّحِيْحَةُ (255).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 443
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست