responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 430
- فَائِدَةٌ) فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ يَقُوْلُ المُصَلِّي (السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ) خِلَافًا لِلمَشْهُوْرِ (السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ)، وَذَلِكَ لِعَمَلِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِم، وَالحَدِيْثُ - مَوْضُوْعُ البَابِ - جَاءَ فِي أَحَدِ الفَاظِهِ - كَمَا فِي البُخَارِيِّ - عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (عَلَّمَنِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ - التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّوْرَةَ مِنَ القُرْآنِ: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ؛ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ) - وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا - فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا [1]: السَّلَامُ؛ يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [2] (3)
وَقَد عَمِلَ بِهَا الصَّحَابَةُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم؛ كَمَا فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي عَوَانَةَ - وَصَحَّحَ الرِّوَايَةَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) [4] -، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا هَكَذَا كَانَتْ تُعَلِّمُهُ. (5)
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِتَوقِيفٍ مِنْهُ لَهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَلَيسَ اجْتِهَادًا مِنْهُم فَحَسْبُ. (6)

[1] وَهَذِهِ صِيْغَةُ جَمْعٍ تُفيْدُ عَمَلَ الصَّحَابَةِ مَعَهُ.
[2] البُخَارِيُّ (6265).
(3) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (314/ 2): (كَذَا وَقَعَ فِي البُخَارِيِّ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيْحِهِ وَالسَّرَّاجُ وَالجَوْزَقِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ وَالبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ البُخَارِيِّ فِيْهِ بِلَفْظِ (فَلَمَّا قُبِضَ؛ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ) بِحَذْفِ لَفْظِ (يَعْنِي) وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.
قَالَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ المِنْهَاجِ - بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَوَانَةَ وَحْدَهُ -: (إِنْ صَحَّ هَذَا عَنِ الصَّحَابَةِ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ الخِطَابَ فِي السَّلَامِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ وَاجِبٍ؛ فَيُقَالُ: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ). قُلْتُ: قَدْ صَحَّ بِلَا رَيْبٍ، وَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ مُتَابِعًا قَوِيًّا، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ؛ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: (أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَقُوْلُوْنَ - وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ - السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، فَلَمَّا مَاتَ قَالُوا: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ) وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيْحٌ. وَأَمَّا مَا رَوَى سَعِيْدُ بْنُ مَنْصُوْرٍ مِنْ طَرِيْقِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُمُ التَّشَهُّد؛ فَذَكَرَهُ، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (إِنَّمَا كُنَّا نَقُوْلُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ - إِذْ كَانَ حَيًّا! -) فَقَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: (هَكَذَا عُلِّمْنَا! وَهَكَذَا نُعَلِّمُ)، فَظَاهِرٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَه بَحْثًا وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ، لَكِنَّ رِوَايَةَ أَبِي مَعْمَرٍ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ؛ وَالإِسْنَادُ إِلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ ضَعِيْفٌ).
[4] فَتْحُ البَارِي (314/ 2).
(5) قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي الإِرْوَاءِ (312): (قُلْتُ: وَقَد وَجَدْتُ لَهُ شَاهِدَيْنِ صَحِيْحَيْنِ: الأَوَّلُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّهُ كَانَ يَتَشَهَّدُ فَيَقُوْلُ: ... السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ) أَخْرَجَهُ مَالِكُ فِي المُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ، وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيْحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
الثَّاني: عَنْ عَاثِشَةَ (أَنَّهَا كَانَتْ تُعَلِّمُهُم التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ؛ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ). رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ وَالسِّرَاجُ فِي مُسْنَدِهِ وَالمُخَلِّصُ فِي الفَوَائِدِ بِسَنَدَيْنِ صَحِيْحَيْنِ عَنْهَا.
وَلَا شَكَّ أَنَّ عُدُوْلَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم مِنْ لَفْظِ الخِطَابِ (عَلَيْكَ) إِلَى لَفْظِ الغَيْبَةِ (عَلَى النَّبِيِّ) إِنَّمَا بِتَوْقِيْفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّه أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ مَحْضٌ لَا مَجَالَ للرَّأيِ وَالاجْتِهَادِ فِيْهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ).
(6) وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ بَعْضِ الأَفَاضِلِ بِأَنَّ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ عَلَّمَ التَّشَهُّدَ عَلَى المَلَإِ بِلَفْظِ الخِطَابِ! فَهُوَ غَيْرُ قَادِحٍ فِيْمَا ذَكَرْنَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ هَكَذَا سَمِعُوْهُ؛ فَنَقَلُوْهُ كَمَا سَمِعُوْهُ، وَأَمَّا فِي مَعْرِضِ العَمَلِ بِهِ فَهُوَ كَمَا رَأَيتَ بِلَفْظِ الغَيْبَةِ، وَهَذَا التَّوجِيْهُ أَقْرَبُ لِجَمْعِ النُّصُوْصِ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنْ أَخْذِ بَعْضٍ وَإِهْمَالِ بَعْضٍ، وَالحَمْدُ للهِ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ؛ فَمَنْ رَأَى أَنَّ هَذَا اجْتِهَادٌ مِنْهُم رِضْوُانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِم؛ وَلَا يُتَابَعُوْنَ عَلَيْهِ! فَلْيَعْذُرْ مَنْ لَم يَرَهُ اجْتِهَادًا مِنْهُم فَقَط، أَوْ رَآه اجْتِهَادًا مِنْهُم وَلَكِنَّهُ رَأَى أَنَّ مُوَافَقَتَهُم أَوْلَى. أَمَّا أَنْ تُتَّخَذَ مِثْلُ هَذِهِ المَسْأَلَةِ وَسِيْلَةً لِلطَّعْنِ فِي العُلَمَاءِ؛ وَمَدْخَلًا لِلشَّيْطَانِ فِي بَثِّ الأَحْقَادِ بَينَ طُلَّابِ العِلْمِ! فَهَذَا غَيْرُ مَقْبُوْلٍ البَتَّةَ، فَإِنَّ الاخْتِلَافَ بَينَ العُلَمَاءِ مُنْذُ القَدِيْمِ أَمْرٌ مَعْلُوْمٌ مَقْبُوْلٌ ضِمْنَ دَائِرَةِ حُسْنِ النَّوَايَا وَسَلَامَةِ الصُّدُوْرِ؛ مَا دَامَ صَاحِبُهُ مَعْرُوْفًا بِسَلَامَةِ المَنْهَجِ وَالاسْتِقَامَةِ عَلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَطَريْقِ السَّلَفِ رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِم.
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي السِّيَر (376/ 14): (وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ - مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ، وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ - أَهْدَرْنَاهُ وَبَدَّعنَاهُ؛ لَقَلَّ مَنْ يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 430
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست