responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 429
الشَّرْحُ
- قَوْلُ (السَّلَامُ عَلَى اللهِ): يُوْهِمُ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَد يَلْحَقُهُ النَّقْصُ وَالضَّرَرُ وَالمَرَضُ؛ لِذَلِكَ نَحْنُ نَدْعُو لَهُ بِالسَّلَامَةِ! وَهَذَا يُنَافي كَمَالَ صِفَاتِهِ تَعَالَى، فَاللهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِيْ يُسَلِّمُ غَيْرَهُ، قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيْدُ} (فَاطِر:15). (1)
- مُنَاسَبَةُ هَذَا البَابِ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ هُوَ اجْتِنَابُ الأَلْفَاظِ المُوْهِمَةِ لِلنَّقْصِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى.
- أَوْرَدَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ هَذَا البَابِ بَعْدَ بَابِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى لِبَيَانِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَلْحَقُهُ نَقْصٌ فِي شَيْءٍ مَنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ.
- السَّلَامُ هُوَ اسْمُ اللهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ المُتَّصِفُ بِالسَّلَامَةِ الكَامِلَةِ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ، وَهُوَ الَّذِيْ يُعْطِي السَّلَامَةَ لِلْخَلْقِ، وَقَوْلُ المُسْلِمِ لِأَخِيْهِ (السَّلَامُ عَلَيْكُم) هُوَ مِنْ بَابِ التَّوَسُّلِ بِاسْمِ اللهِ فِي الدُعَاءِ بِمَا يُنَاسِبُ المَطْلُوبَ.
- فِي الحَدِيْثِ التَّنْبِيْهُ عَلَى مَعْرِفَةِ مَعْنَى الكَلَامِ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ، فَقَد يَكُوْنُ الكَلَامُ مُحَرَّمًا - وَلَو قَصَدَ بِهِ صَاحِبُهُ مَعْنَىً حَسَنًا -، فَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم قَصَدُوا بِذَلِكَ التَّحِيَّةَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ لَمَّا تَضَمَّنَ اللَّفْظُ مَعْنَىً لَا يَلِيْقُ بِاللهِ تَعَالَى نَهَاهُم النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ.
- فِيْهِ مِنْ حُسْنِ التَّعْلِيْمِ النَّهْيُ عَنِ المُحَرَّمِ بِبَيَانِ عِلَّتِهِ - إِنْ عُلِمَتْ - وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ:
1) أَوْعَى لِلفَهْمِ وَأَثْبَتُ للذِّهْنِ.
2) أَدْعَى لِلاسْتِجَابَةِ.
3) يُبَيِّنُ سُمُوَّ الشَّرِيْعَةِ وَكَوْنَهَا مَبْنِيَّةً عَلَى الحِكْمَةِ، وَاللهُ تَعَالَى مِنْ أَسْمَائِهِ (الحَكِيْمُ).
4) فِيْهِ طُمَأْنِيْنَةُ النَّفْسِ لِلحُكْمِ.
5) القِيَاسُ عَلَى مَا شَابَهَ الأَمْرَ فِي العِلَّةِ.
- فِيْهِ مِنْ حُسْنِ التَّعلِيْمِ إِعْطَاءُ البَديْلِ المُبَاحِ عِنْدَ النَّهْي عَنِ المُحَرَّمِ.
- (السَّلَامُ) اسْمٌ ثُبُوْتِيٌّ سَلْبِيٌّ، فَهُوَ ثُبُوْتِيٌّ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ اسْمًا للهِ تَعَالَى، وَسَلْبِيٌّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ سَلْبِيٌّ، فَهُوَ يَنْفِي النَّقْصَ عَنِ اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ مِثْلُ اسْمِ القُدُّوْسِ للهِ تَعَالَى.
- قَوْلُ القَائِلِ: السَّلَامُ عَلَيْكُم، يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاء:
1) ذِكْرُ اسْمِ اللهِ تَعَالَى، وَالتَّبَرُّكُ بِهِ.
2) إِعْلَامُ المُسَلَّمِ عَلَيْهِ؛ أَنَّهُ مُسَالِمٌ لَهُ لَا يَنَالُهُ مِنْهُ أَذَى.
3) طَلَبُ السَّلَامَةِ وَالخَيْرِ لَهُ.
4) التَّوَسُّلُ بِاسْمِهِ تَعَالَى (السَّلَام) بِمَا يُنَاسِبُ السَّلَامَةَ.

(1) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (139/ 7): (وِلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ؛ قَالَ: قَالَ جِبْرِيْلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يُقْرِىءُ خَدِيْجَةَ السَّلَامَ - يَعْنِي: فَأَخْبِرْهَا - فَقَالَتْ: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، وَعَلَى جِبْرِيْلَ السَّلَامُ، وَعَلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللَّهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ)، زَادَ ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ (وَعَلَى مَنْ سَمِعَ السَّلَامَ إِلَّا الشَّيْطَانَ). قَالَ الْعُلَمَاءُ: فِي هَذَهِ الْقِصَّةِ دَلِيْلٌ عَلَى وُفُوْرِ فِقْهِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُلْ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ - حَيْثُ كَانُوا يَقُوْلُوْنَ فِي التَّشَهُّدِ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ؛ فَقُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ) فَعَرَفَتْ خَدِيْجَةُ - لِصِحَّةِ فَهْمِهَا - أَنَّ اللَّهَ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا يُرَدُّ عَلَى الْمَخْلُوْقِيْنَ، لِأَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَهُوَ أَيْضًا دُعَاء بِالسَّلَامَةِ وَكِلَاهُمَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يُرَدَّ بِهِ عَلَى اللَّهِ، فَكَأَنَّهَا قَالَتْ: كَيْفَ أَقُوْلُ: عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ وَالسَّلَامُ اسْمُهُ وَمِنْهُ يُطْلَبُ وَمِنْهُ يَحْصُلُ!! فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلِيْقُ بِاللَّهِ إِلَّا الثَّنَاءُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَتْ مَكَانَ رَدِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، ثُمَّ غَايَرَتْ بَيْنَ مَا يَلِيْقُ بِاللَّهِ وَمَا يَلِيْقُ بِغَيْرِهِ؛ فَقَالَتْ: وَعَلَى جِبْرِيْلَ السَّلَامُ، ثُمَّ قَالَتْ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 429
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست