responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 36
مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- مَسْأَلَةٌ) هَلْ يُقْبَلُ إِسْلَامُ أَيِّ كَافِرٍ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الشَّهَادَتَيْنِ؟
الجَوَابُ: الأَصْلُ فِي قَبُوْلِ إِسْلَامِ الكَافِرِ هُوَ قَوْلُ الشَّهَادَتِيْنِ، إِلَّا أَنَّهُ إِنْ كَانَ الكَافِرُ لَهُ اعْتِقَادٌ خَاصٌّ سَابِقٌ؛ فَلَا يُقْبَلُ إِسْلَامُهُ مُطْلَقًا حَتَّى يُضِيْفَ إِلَى الشَّهَادَتِيْنِ إِبْطَالَ عَقِيْدَتِهِ الخَاصَّةِ السَّابِقَةِ، كَمَا فِي لَفْظِ الحَدِيْثِ (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ؛ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ). (1)
فَالبَاطِنِيُّ الَّذِيْ يُؤَلِّهُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لَا أَقُوْلُ إِذَا صَلَّى فَقَطْ، - بَلْ وَإِذَا نَطَقَ الشَّهَادَتَيْنِ أَيْضًا - أَنَّهُ يَكُوْنُ بِذَلِكَ مُسْلِمًا! بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُعْلِنَ بُطْلَانَ مَا كَانَ عَلَيْهِ سَابِقًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيْقَةَ الشَّهَادَةِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ قَولِهَا، بَلْ وَلَا مُجَرَّدَ إِقَامَةِ مَظَاهِرِ تَوْحِيْدِ اللهِ تَعَالَى؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنَ الكُفْرِ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى مِنَ المَعْبُوْدَاتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوْتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيْعٌ عَلِيْمٌ} (البَقَرَة:256). (2)
قَالَ الإِمَامُ المُجدِّدُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ - فِي مَسَائِلِ البَابِ - مِنْ كِتَابِ التَّوْحِيْدِ: (وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ؛ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ) وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يُبَيِّنُ مَعْنَى (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ التَّلَفُّظَ بِهَا عَاصِمًا لِلدَّمِ وَالمَالِ، بَلْ وَلَا مَعْرِفَةَ مَعْنَاهَا مَعَ لَفْظِهَا، بَلْ وَلَا الإِقْرَارَ بِذَلِكَ، بَلْ وَلَا كَوْنَهُ لَا يَدْعُوْ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، بَلْ لَا يَحْرُمُ مَالُهُ وَدَمُهُ حَتَّى يُضِيْفَ إِلَى ذَلِكَ الكُفْرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ، فَإِنْ شَكَّ أَوْ تَوَقَّفَ لَمْ يَحْرُمْ مَالُهُ وَدَمُهُ).

(1) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (23) مِنْ حَدِيْثِ طَارِقِ بْنِ أَشْيَمَ مَرْفُوْعًا.
(2) قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (157/ 1): (وَفِي قَوْلِهِ (وكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ) دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّلَفُّظِ بِـ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَكْفُرَ بِعِبَادَةِ مَنْ يُعَبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ، بَلْ وَتَكْفُرَ أَيْضًا بِكُلِّ كُفْرٍ. فَمَنْ يَقوْلُ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) وَيَرَى أَنَّ النَّصَارَى وَاليَهُوْدَ اليَوْمَ عَلَى دِيْنٍ صَحِيْحٍ، فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ).
وَقَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (رَوْضَةُ الطَّالِبِيْنَ) (301/ 7) - كِتَابُ الرِّدَّةِ، فَصْلٌ فِيْمَا تَحْصُلُ بِهِ تَوْبَةُ المُرْتَدِّ وَفِي مَعْنَاهَا إِسْلَامُ الكُفَّارِ الأَصْلِيِّ -: (وَقَدْ وَصَفَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ تَوْبَتَهُ فَقَالَ: أَنْ يَشْهَدَ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ اللهِ؛ ويَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دِيْنٍ خَالَفَ الإِسْلَامَ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ - أَيْ: الشَّافِعِيُّ -: إِذَا أَتَى بِالشَّهَادَتينِ صَارَ مُسْلِمًا وَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافِ قَوْلٍ عِنْدَ جُمْهُوْرِ الأَصْحَابِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الظِّهَارِ بَلْ يَخْتَلِفُ الحَالُ بِاخْتِلَافِ الكُفَّارِ وَعَقَائِدِهِم).
وَقَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ أَيْضًا فِي كِتَابِهِ (رَوْضَةُ الطَّالِبِيْنَ) (302/ 7): (وَأَنَّ الثَّنَوِيَّ إِذَا قَالَ (لَا إِلَهَ إلِّا اللهَ) لَمْ يَكُنْ مُؤمِنًا حَتَّى يَتَبَرَّأَ مِنَ القَوْلِ بِقِدَمِ الظُّلْمَةِ وَالنُّورِ (وَأَنْ يَقُوْلَ) أَنْ لَا قَدِيْمَ إِلَّا اللهُ؛ كَانَ مُؤمِنًا).
قُلْتُ: وَفِي الحَدِيْثِ (مَنْ شِهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ, وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ, وَأَنَّ عِيْسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُوْلُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوْحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةَ حَقٌّ, وَالنَّارَ حَقٌّ؛ أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3435)، وَمُسْلِمٌ (28) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوْعًا.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست