responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 35
- قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْموعِ الفَتَاوى [1]: (وَهَؤُلَاءِ الَّذِيْنَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا - حَيْثُ أَطَاعُوْهُمْ فِي تَحْلِيْلِ مَا حَرَّمَ اللهُ وَتَحْرِيْمِ مَا أَحَلَّ اللهُ - يَكُوْنُوْنَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ بَدَّلُوا دِيْنَ اللهِ؛ فَيَتْبَعُونَهُمْ عَلَى التَّبْدِيْلِ؛ فَيَعْتَقِدُوْنَ تَحْلِيْلَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَتَحْرِيْمَ مَا أَحَلَّ اللهُ اتِّبَاعًا لِرُؤَسَائِهِمْ - مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ خَالَفُوا دِيْنَ الرُّسُلِ - فَهَذَا كُفْرٌ وَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ وَرَسُوْلُهُ شِرْكًا - وَإِنْ لَمْ يَكُوْنُوا يُصَلُّوْنَ لَهُمْ وَيَسْجُدُوْنَ لَهُمْ - فَكَانَ مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَهُ فِي خِلَافِ الدِّيْنِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ خِلَافُ الدِّيْنِ، وَاعْتَقَدَ مَا قَالَهُ ذَلِكَ دُوْنَ مَا قَالَهُ اللهُ وَرَسُوْلُهُ؛ مُشْرِكًا مِثْلَ هَؤُلَاءِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُوْنَ اعْتِقَادُهُمْ وَإِيْمَانُهُمْ بِتَحْرِيْمِ الحَلَالِ وَتَحْلِيْلِ الحَرَامِ ثَابِتًا [2]، لَكِنَّهُمْ أَطَاعُوْهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ - كَمَا يَفْعَلُ المُسْلِمُ مَا يَفْعَلُهُ مِنَ المَعَاصِي الَّتِيْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا مَعَاصٍ - فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ حُكْمُ أَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوْبِ؛ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيْحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوْفِ)). (3)
- قَوْلُهُ تَعَالَى {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}: يَعْنِي (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) لَا يَزَالُ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يَقُوْلُهَا. (4)
- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُوْنِ اللهِ} بَيَانُ ضَلَالِ ثَلَاثِ طَوَائِفَ: (5)
1) الطَّائِفَةُ الأُوْلَى: بَعْضُ المُتَصَوِّفَةِ الَّذِيْنَ يُطِيْعُوْنَ شُيُوْخَهُم وَلَوْ أَمَرُوْهُم بِمَعْصِيَةٍ ظَاهِرَةٍ بِحُجَّةِ أَنَّهَا فِي الحَقِيْقَةِ لَيْسَتْ بِمَعْصِيَةٍ، وَأَنَّ الشَّيْخَ يَرَى مَا لَا يَرَى المُرِيْدُ. (6)
2) الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ: هُمُ المُقَلِّدَةُ الَّذِيْنَ يُؤْثِرُوْنَ اتِّبَاعَ كَلَامِ المَذْهَبِ عَلَى كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ مَعَ وُضُوْحِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ. (7)
3) الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ: هُمُ الَّذِيْنَ يُطِيْعُوْنَ وُلَاةَ الأُمُوْرِ فِيْمَا يُشَرِّعُوْنَهُ لِلنَّاسِ مِنْ نُظُمٍ وَقَرَارَاتٍ مُخَالِفَةٍ لِلشَّرْعِ؛ كَالشُّيُوْعِيَّةِ وَمَا شَابَهَهَا، وَشَرُّهُم مَنْ يُحَاوِلُ أَنْ يُظْهِرَ أَنَّ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِلشَّرْعِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لَهُ.

[1] مَجْموعُ الفَتَاوى (70/ 7).
[2] قَالَ الشَّيْخُ نَاصِرُ بْنُ حَمَدٍ الفَهْدُ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (صِيَانَةُ مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى مِنَ السَّقْطِ وَالتَّصْحِيْفِ) (ص 59): (وَقَوْلُهُ هُنَا (بِتَحْرِيْمِ الحَلَالِ وَتَحْلِيْلِ الحَرَامِ) قَدْ أَشَارَ عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّهَا قَدْ تَكُوْنُ تَصْحِيْفًا مِنَ النُّسَّاخِ، وَالأَظْهَرُ أَنَّ العِبَارَةَ هِيَ (بِتَحْرِيْمِ الحَرَامِ وَتَحْلِيْلِ الحَلَالِ)).
(3) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7145)، وَمُسْلِمٌ (1840) مِنْ حَدِيْثِ عَليٍّ مَرْفُوْعًا.
(4) تَفْسِيْرُ ابْنِ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ (225/ 7).
(5) أَفَادَهُ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّعْلِيْقِ عَلَى حَدِيْثِ (لَا طَاعَةَ لِبَشَرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوْفِ). الصَّحِيْحَةُ (181).
(6) قُلْتُ: هُوَ مَا يُسَمُّوْنَهُ بِالشَّرِيْعَةِ وَالحَقِيْقَةِ، أَوْ عِلْمِ الظَّاهِرِ وَعِلْمِ البَاطِنِ.
(7) قَالَ الفَخْرُ الرَّازِي (صَاحِبُ التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ- أَبُو عَبْدِ اللهِ) رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (31/ 16) عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِهِ تَعَالَى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُوْنِ اللهِ}: (قَالَ شَيْخُنَا وَمَوْلَانَا خَاتِمَةُ المُحَقِّقِيْنَ وَالمُجْتَهِدِيْنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (قَدْ شَاهَدْتُ جَمَاعَةً مِنْ مُقَلِّدَةِ الفُقَهَاءِ؛ قَرَأْتُ عَلَيْهِم آيَاتٍ كَثِيْرَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى فِي بَعْضِ المَسَائِلِ، وَكَانَتْ مَذَاهِبُهُم بِخِلَافِ تِلْكَ الآيَاتِ؛ فَلَمْ يَقْبَلُوا تِلْكَ الآيَاتِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا وَبَقَوا يَنْظُرُوْنَ إِلَيِّ كَالمُتَعَجِّبِ - يَعْنِي كَيْفَ يُمْكِنُ العَمَلُ بِظَوَاهِرِ هَذِهِ الآيَاتِ مَعَ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ سَلَفِنَا وَرَدَتْ عَلَى خِلَافِهَ -، وَلَوْ تَأَمَّلْتَ حَقَّ التَّأَمُّلِ وَجَدْتَ هَذَا الدَّاءَ سَارِيًا فِي عُرُوْقِ الأَكْثَرِيْنَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا)).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست