responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 331
الشَّرْحُ
- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ هُوَ مِنْ جِهَتَيْنِ:
1) أَنَّ جَحْدَ شَيْءٍ مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ [1] هُوَ مِنْ خِصَالِ الكُفَّارِ وَالمُشْرِكِيْنَ. [2] وَالجُحُوْدُ: هُوَ الإِنْكَارُ مَعَ العِلْمِ.
2) أَنَّ مِنْ بَرَاهِيْن تَوْحِيْدِ العِبَادَةِ تَوْحِيْدُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَجَحْدُ شَيْءٍ مِنْهَا مُنَافٍ لِأَصْلِ التَّوْحِيْدِ. (3)
فَنَفْيُ الصِّفَاتِ تَعْطِيْلٌ، وَتَمَامُ التَّعْطِيْلِ نَفيُ وُجُوْدِ الرَّبِّ أَصْلًا، لِأَنَّ عَدَمَ الصِّفَاتِ عَدَمٌ لِلمَوْصُوْفِ، فَكُلُّ مَا لَا صِفَةَ لَهُ عَدَمٌ.
قَالَ نُعَيْمُ بْنَ حَمَّادٍ: (أَنَا كُنْتُ جَهْمِيًّا - فَلِذَلِكَ عَرَفْتُ كَلَامَهُم - فَلَمَّا طَلَبْتُ الحَدِيْثَ؛ عَرَفتُ أَنَّ أَمرَهُم يَرْجِعُ إِلَى التَّعْطِيْلِ). (4)
- إنَّ الإِيْمَانَ بِالأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَمَعْرِفَةَ آثَارِهِمَا فِي مَلَكوْتِ اللهِ تَعَالَى يُقُوَيَّانِ اليَقِيْنَ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَهُمَا سَبَبَانِ لِمَعْرِفَةِ اللهِ تَعَالَى وَلِمَا يَنْتُجُ عَنْهُمَا مِنَ المَحَبَّةِ وَالخَشيَةِ وَالتَّقوى وَالعَمَلِ.

[1] أَيْ: مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ.
[2] وَهَذَا الإِنْكَارُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الجُحُوْدِ مِنْهُم وَلَيْسَ الجَهْلِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُوْنَ} (يس:15).
وَقَدْ وَرَدَتْ أَشْعَارٌ مِنْ أَشْعَارِ الجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا فِيْهَا ذِكْرُ الرَّحْمَنِ وَالإِقْرَارِ بِهِ وتَسميَتِهِ سُبْحَانَهُ بِهِ، كَمَا فِي لِسَانِ العَرَبِ (214/ 6) - نَقْلًا عَنِ امْرِئِ القَيْسِ (ت 80 ق. هـ):
(تِلْكَ السَّحَابُ إِذَا الرَّحْمَنُ أَنْشَأَهَا ... رَوَّى بِهَا مِنْ مَحُوْلِ الأَرْضِ أَنْفَاسًا)
وَ (المَحْلُ): الجُوْعُ الشَّدِيْدُ؛ كَمَا في لِسَانِ العَرَبِ (616/ 11).
قَالَ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيْرِهِ (131/ 1): (وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الغَبَاءِ أَنَّ العَرَبَ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ (الرَّحْمَنَ)، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي لُغَتِهَا).
(3) وَتَوْحِيْدُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ هُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّوْحِيْدِ، وَهُوَ فِي الحَقِيْقَةِ دَاخِلٌ فِي تَوْحِيْدِ الرُّبُوْبيَّةِ، وَمِنْ أَجْلِ هَذَا بَعْضُ العُلماءِ يُجْمِلُ وَيَجْعَلُ التَّوْحِيْدَ نَوْعَانِ:
تَوْحِيْدٌ فِي المَعْرِفَةِ وَالإِثْبَاتِ؛ وَهُوَ تَوْحِيْدُ الرُّبُوْبيَّةِ وَالأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهُوَ التَّوْحِيْدُ العِلْمِيُّ الخَبَرِيُّ.
وَتَوْحِيْدٌ فِي الطَّلبِ وَالقَصْدِ؛ وَهُوَ التَّوْحِيْدُ العَمَلِيُّ الطَّلَبِيُّ، وَهُوَ تَوْحِيْدُ الأُلُوْهِيَّةِ.
وَلَكِنْ لَمَّا وُجِدَتْ طَوَائِفُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ افْتَرَقَتْ عَنْ مَذْهَبِ السَّلَفِ وَصَارَ لَهَا رَأْيٌ فِي الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ تُخَالِفُ بِهِ الحَقَّ؛ جُعِلَ هَذَا قِسْمٌ ثَالِثٌ مِنْ أَجْلِ الرَّدِّ عَلَيْهِم وَبَيَانِهِ لِلنَّاسِ.
(4) اُنْظُرْ سِيَرَ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (597/ 10) لِلحَافِظِ الذَّهَبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ عِنْدَ تَرْجَمَةِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ - وَهُوَ شَيْخُ البُخَارِيِّ - (ت 229 هـ).
وَأَوْرَدَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ أَيْضًا فِي السِّيَرِ (376/ 21) - عِنْدَ تَرْجَمَةِ أَبِي الفَرَجِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، (ت 597 هـ) - قَوْلَهُ رَحِمَهُ اللهُ: (أَهْلُ الكَلَام يَقُوْلُوْنَ: مَا فِي السَّمَاءِ رَبٌّ، وَلَا فِي المُصْحَفِ قُرْآنٌ، وَلَا فِي القَبْرِ نَبِيٌّ، ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُم).
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الصَّوَاعِقُ المُرْسَلَةُ عَلَى الجَهْمِيَّةِ وَالمُعَطِّلَةِ) (148/ 1): (المُعَطِّلُ يَعْبُدُ عَدَمًا، وَالمُمَثِّلُ يَعْبُدُ صَنَمًا، وَالمُوَحِّدُ يَعْبُدُ رَبًّا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ؛ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى وَالصِّفَاتُ العُلَى).
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (التَّوْحِيْدُ) (11/ 1): (أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ صِفَاتِ خَالِقِنَا: ذِكْرُ نَفْسِهِ، جَلَّ رَبُّنَا عَنْ أَنْ تَكُوْنَ نَفْسُهُ كَنَفْسِ خَلْقِهِ، وَعَزَّ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ عَدَمًا لَا نَفْسَ لَهُ).
قُلْتُ: وَهَذَا عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ النَّفْسَ صِفَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَلَيْسَتْ نَفْسَهَا الذَّاتُ.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 331
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست