responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 320
- حَدِيْثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ بِتَمَامِهِ - كَمَا عَنْدَ الطَّبَرانِيِّ فِي الكَبِيْرِ - قَالَ: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيْبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: (يَا عَدِيُّ اطْرَحْ هَذَا الوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ)، فَطَرَحْتُهُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُوْرَةَ بَرَاءَة، فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُوْنِ اللهِ} (التَّوْبَة:31) حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَقُلْتُ: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ: (أَلَيْسَ يُحَرِّمُوْنَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُوْنَهُ وَيُحِلُّوْنَ مَا حَرَّمَ اللهُ، فَتَسْتَحِلُّوْنَهُ؟) قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: (فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ)). (1)
- قَوْلُهُ تَعَالَى {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُوْنَ}: (سُبْحَانَ): اسْمُ مَصْدَرٍ مِنَ التَّسْبِيْحِ؛ وَهُوَ التَّنْزِيْهُ، أَيْ: تَنْزِيْهُ اللهِ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ.
- اعْلَمْ أَنَّ اتِّبَاعَ العُلَمَاءِ أَوِ الأُمَرَاءِ فِي تَحْلِيْلِ مَا حَرَّمَ اللهُ أَوْ تَحْرِيْمِ مَا أَحَلَّ اللهُ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: (2)
1) أَنْ يُتَابِعَهُم فِي ذَلِكَ رَاضِيًا بِقَوْلِهِم؛ مُقَدِّمًا لَهُ؛ سَاخِطًا لِحُكْمِ اللهِ، فَهُوَ كَافِرٌ، لِأَنَّهُ كَرِهَ مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ اللهُ عَمَلَهُ، وَلَا تَحْبُطُ الأَعْمَالُ إِلَّا بِالكُفْرِ، فَكُلُّ مَنْ كَرِهَ مَا أَنْزَلَ اللهُ فَهُوَ كَافِرٌ.
2) أَنْ يُتَابِعَهُم فِي ذَلِكَ رَاضِيًا بِحُكْمِ اللهِ وَعَالِمًا بِأَنَّهُ أَمْثَلُ وَأَصْلَحُ لِلعِبَادِ وَالبِلَادِ، وَلَكِنْ لِهَوَىً فِي نَفْسِهِ اخْتَارَهُ؛ كَأَنْ يُرِيْدَ مَثَلًا وَظِيْفَةً، فَهَذَا لَا يَكْفُرُ، وَلَكِنَّهُ فَاسِقٌ وَلَهُ حُكْمُ غَيْرِهِ مِنَ العُصَاةِ.
3) أَنْ يُتَابِعَهُم جَاهِلًا؛ فَيَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ اللهِ، فَهَذَا لَهُ حَالَانِ:
أ) أَنْ يُمْكِنَهُ أَنْ يَعْرِفَ الحَقَّ بِنَفْسِهِ؛ فَهُوَ مُفَرِّطٌ أَوْ مُقَصِّرٌ، وَهُوَ آثِمٌ؛ لِأَنَّ اللهَ أَمَرَ بِسُؤَالِ أَهْلِ العِلْمِ عِنْدَ عَدَمِ العِلْمِ.
ب) أَنْ لَا يَكُوْنَ عَالِمًا وَلَا يُمْكِنَهُ التَّعَلُّمُ؛ فَيُتَابِعُهُم تَقْلِيْدًا، وَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الحَقَّ، فَهَذَا لَا شَيْءَ عَليْهِ؛ لِأَنَّه فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَكَانَ مَعْذُوْرًا بِذَلِكَ. (3)

(1) صَحِيْحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيْرِ (92/ 17) وَالتِّرْمِذِيُّ (3095) وَحَسَّنَهُ. الصَّحِيْحَةُ (3293).
(2) أَفَادَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (157/ 2).
وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ تَفْسِيْرِ التَّوْحِيْدِ نَقْلُ قَوْلِ شَيْخِ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ، وَنُعِيْدُهُ هُنَا لِتَمَامِ الفَائِدَةِ:
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ فِي مَجْموعِ الفَتَاوى (70/ 7): (وَهَؤُلَاءِ الَّذِيْنَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا - حَيْثُ أَطَاعُوْهُمْ فِي تَحْلِيْلِ مَا حَرَّمَ اللهُ وَتَحْرِيْمِ مَا أَحَلَّ اللهُ - يَكُوْنُوْنَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ بَدَّلُوا دِيْنَ اللهِ؛ فَيَتْبَعُونَهُمْ عَلَى التَّبْدِيْلِ؛ فَيَعْتَقِدُوْنَ تَحْلِيْلَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَتَحْرِيْمَ مَا أَحَلَّ اللهُ اتِّبَاعًا لِرُؤَسَائِهِمْ - مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ خَالَفُوا دِيْنَ الرُّسُلِ - فَهَذَا كُفْرٌ وَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ وَرَسُوْلُهُ شِرْكًا - وَإِنْ لَمْ يَكُوْنُوا يُصَلُّوْنَ لَهُمْ وَيَسْجُدُوْنَ لَهُمْ - فَكَانَ مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَهُ فِي خِلَافِ الدِّيْنِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ خِلَافُ الدِّيْنِ، وَاعْتَقَدَ مَا قَالَهُ ذَلِكَ دُوْنَ مَا قَالَهُ اللهُ وَرَسُوْلُهُ؛ مُشْرِكًا مِثْلَ هَؤُلَاءِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُوْنَ اعْتِقَادُهُمْ وَإِيْمَانُهُمْ بِتَحْرِيْمِ الحَلَالِ وَتَحْلِيْلِ الحَرَامِ ثَابِتًا، لَكِنَّهُمْ أَطَاعُوْهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ - كَمَا يَفْعَلُ المُسْلِمُ مَا يَفْعَلُهُ مِنَ المَعَاصِي الَّتِيْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا مَعَاصٍ - فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ حُكْمُ أَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوْبِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيْحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوْفِ)).
قُلْتُ: وَالحَدِيْثُ الأَخِيْرُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7145)، وَمُسْلِمٌ (1840) مِنْ حَدِيْثِ عَليٍّ مَرْفُوْعًا.
ملاحظة: قَالَ الشَّيْخُ نَاصِرُ بْنُ حَمَدٍ الفَهْدُ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (صِيَانَةُ مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى مِنَ السَّقْطِ وَالتَّصْحِيْفِ) (ص 59): (وَقَوْلُهُ هُنَا (بِتَحْرِيْمِ الحَلَالِ وَتَحْلِيْلِ الحَرَامِ) قَدْ أَشَارَ عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّهَا قَدْ تَكُوْنُ تَصْحِيْفًا مِنَ النُّسَّاخِ، وَالأَظْهَرُ أَنَّ العِبَارَةَ هِيَ (بِتَحْرِيْمِ الحَرَامِ وَتَحْلِيْلِ الحَلَالِ)).
(3) قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (273/ 1): (وَالعَجَبُ أَنَّهُم فِي العِرَاقِ يَقُوْلُوْنَ: عِنْدَنَا الحُسَيْنُ؛ فَيَطُوْفُوْنَ قَبْرَهُ وَيَسْأَلُوْنَهُ، وَفِي مِصْرَ كَذَلِكَ، وَفِي سُوْرِيَّا كَذَلِكَ، وَهَذَا سَفَهٌ فِي العُقُوْلِ وَضَلَالٌ فِي الدِّيْنِ، وَالعَامَّةُ لَا يُلَامُوْنَ فِي الوَاقِعِ، لَكِنَّ الَّذِيْ يُلَامُ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَمِنْ غَيْرِ العُلَمَاءِ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 320
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست