responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 290
[3]) الخَوْفُ الطَّبِيْعِيُّ: وَهَذَا أَمْرٌ طَبِيْعِيٌّ؛ كَالخَوْفِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ, أَوْ نَارٍ، أَوْ مُؤْذٍ وَمُهْلِكٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ وَالهَرَمِ. (1)
وَهَذَا النَّوعُ مُبَاحٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَدْحٌ وَلَا ذَمٌّ إِلَّا إِنْ أَدَّى إِلَى مَحْظُوْرٍ شَرْعيٍّ.
- يُفْهَمُ مِنَ الآيَةِ الأُوْلَى فِي المَتْنِ أَنَّ الخَوْفَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَأَوْلِيَائِهِ مُنَافٍ لِلإِيْمَانِ، فَإِنْ كَانَ الخَوْفُ يُؤَدِّي إِلَى الشِّرْكِ؛ فَهُوَ مُنَافٍ لِأَصْلِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُنَافٍ لِكَمَالِهِ.
- الخَوْفُ مِنَ اللهِ تَعَالَى دَرَجَاتٌ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَغْلُو فِي خَوْفِهِ؛ فَيَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ؛ فَلَا يَسْتَغْفِرْهُ وَلَا يَنْتَهِي عَنْ مَعْصِيَتِهِ! وَمِنْهُم مَنْ يُفرِّطُ فِيْهِ؛ فَلَا يَأْبَهُ بِعَذَابِ رَبِّهِ؛ فَلَا يَنْتَهِي أَيْضًا عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَمِنْهُم مَنْ يَعْتَدِلُ فِي خَوْفِهِ - وَهَذَا هُوَ الخَوْفُ العَدْلُ - وَضَابِطُهُ أَنَّهُ يَرُدُّ العَبْدَ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ فَقَطْ وَلَا يُقَنِّطُهُ. (2)
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: (وَالقَدْرُ الوَاجِبُ مِنَ الخَوْفِ؛ مَا حَمَلَ عَلَى أَدَاءِ الفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ المَحَارِمِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ صَارَ بَاعِثًا لِلنُّفُوْسِ عَلَى التَّشْمِيْرِ فِي نَوَافِلِ الطَّاعَاتِ وَالانْكِفَافِ عَنْ دَقَائِقِ المَكْرُوْهَاتِ وَالتَّبَسُّطِ فِي فُضُوْلِ المُبَاحَاتِ؛ كَانَ ذَلِكَ فَضْلًا مَحْمُوْدًا، فَإِنْ تَزَايَدَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ أَوْرَثَ مَرَضًا أَوْ مَوْتًا أَوْ هَمًّا لَازِمًا بِحَيْثُ يَقْطَعُ عَنِ السَّعْي فِي اكْتِسَابِ الفَضَائِلِ المَطْلُوْيَةِ المَحْبُوْبَةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لَمْ يَكُنْ مَحْمُوْدًا). (3)
- فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ قَرَنَ اللهُ تَعَالَى بَيْنَ الإِيْمَانِ بِهِ وَبَيْنَ الإِيْمَانِ بِاليَوْمِ الآخِرِ - وَكَثِيْرًا مَا يَقْرِنُ اللهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا - وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الإِيْمَانَ بِاليَوْمِ الآخِرِ يَحْمِلُ الإِنْسَانَ عَلَى الامْتِثَالِ، فَإِنَّهُ إِذَا آمَنَ أَنَّ هُنَاكَ بَعْثًا وَجَزَاءً؛ حَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى العَمَلِ لِذَلِكَ اليَوْمِ.

(1) كَمَا فِي البُخَارِيِّ (6367)، وَمُسْلِمٍ (2706) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ وَالبُخْلِ، وَأَعُوْذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَات).
(2) أَفَادَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (67/ 2).
قَالَ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (ص157): ({إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوْهُمْ وَخَافُوْنِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ} (آل عِمْرَان:175) وَفِي هَذِهِ الآيَةِ وُجُوْبُ الخَوْفِ مِنَ اللهِ وَحْدَهَ، وَأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ الإِيْمَانِ، فَعَلَى قَدْرِ إِيْمَانِ العَبْدِ يَكُوْنُ خَوْفُهُ مِنَ اللهِ، وَالخَوْفُ المَحْمُوْدُ مَا حَجَزَ العَبْدَ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ).
[3] التَّخْوِيْفُ مِنَ النَّارِ وَالتَّعْرِيْفُ بِحَالِ دَارِ البَوَارِ (ص 28).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست