responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 201
- قَوْلُهُ (حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ): صَحِيْحٌ مَوْقُوْفٌ، وَالرَّاوِي هُوَ جُنْدُبُ (الخَيْرِ) بْنُ كَعْبٍ الأزْدِيُّ؛ المُلَقَّبُ بِقَاتِلِ السَّاحِرِ [1]، وَلَيْسَ جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ.
وَلُقِّبَ بِقَاتِلِ السَّاحِرِ لِمَا جَاءَ مِنْ (أَنَّ أَمِيْرًا مِنْ أُمَرَاءِ الكُوْفَةِ (الوَلِيْدَ بْنَ عُقْبَةَ) دَعَا سَاحِرًا يَلْعَبُ بَيْنَ يَدِي النَّاسِ (فَكَانَ يَأْخُذُ سَيْفَهُ فَيَذْبَحُ نَفْسَهُ؛ وَلَا يَضُرُّهُ! وَكَانَ يَضْرِبُ رَأْسَ الرَّجُلِ ثُمَّ يَصِيْحُ بهِ فَيَقُوْمُ خَارِجًا فَيَرْتَدُّ إِلَيْهِ رَأْسُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ، يُحْيي المَوْتَى! فَبَلَغَ جُنْدَبَ، فَأَقْبَلَ بِسَيْفِهِ - وَاشْتَمَلَ عَلَيْهِ - فَلَمَّا رَآهُ ضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ؛ فَقَالَ: إنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيُحيي نَفْسَهُ! ثُمَّ قَرَأَ {أَفَتَأْتُوْنَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُوْنَ} (الأَنْبِيَاء:[3]) فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَنْ تُرَاعُوا، إنَّمَا أَرَدْتُ السَّاحِرَ. فَأَخَذَهُ الأَمِيْرُ فَحَبَسَهُ (وَأَمَرَ بِهِ الوَلِيْدُ دِيْنَارًا - صَاحِبَ السِّجْنِ؛ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا - فَسَجَنَهُ، فَأَعْجَبَهُ نَحْوُ الرَّجُلِ، فَقَالَ: أَتَسْتَطِيْعُ أَنْ تَهْرُبَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْرُجْ لَا يَسْأَلْنِي اللهُ عَنْكَ أَبَدًا). فَبَلَغَ ذَلِكَ سَلْمَانَ، فَقَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعَا! لَمْ يَكُنْ يَنْبَغي لِهَذَا - وَهُوَ إِمَامٌ يُؤْتَمُّ بِهِ - يَدْعُو سَاحِرًا يَلْعَبُ بينَ يَدِيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِهَذَا أَنْ يُعَاتِبَ أَمِيْرَهُ بِالسَّيْفِ). [2] (3)
- قَوْلُهُ (وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ): القَذْفُ: بِمَعْنَى الرَّمِيُ، وَالمُرَادُ بِهِ هُنَا الرَّمْيُ بِالزِّنَا، وَالمُحْصَنَاتُ هُنَا الحَرَائِرُ، وَهُوَ الصَّحِيْحُ.
- قَوْلُهُ (الغَافِلَاتُ): هُنَّ العَفِيْفَاتُ عَنِ الزِّنَا؛ البَعِيْدَاتُ عَنْهُ؛ اللَّاتِي لَا يَخْطُرُ عَلَى بَالِهِنَّ هَذَا الأَمْرُ، وَ (المُؤْمِنَاتُ) احْتِرَازًا مِنَ الكَافِرَاتِ. (4)
وَقَدْ جَعَلَ اللهُ عَلَى القَاذِفِ ثَلَاثَةَ أُمُوْرٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِيْنَ يَرْمُوْنَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوْهُمْ ثَمَانِيْنَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُوْنَ} (النُّوْر:[4]).
وَقَذْفُ المُحْصَنِيْنَ الغَافِلِيْنَ المُؤْمِنِيْنَ كَقَذْفِ المُحْصَنَاتِ هُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوْبِ، وَإنَّمَا خَصَّ بِذَلِكَ المَرْأَةَ؛ لِأَنَّ الغَالِبَ أَنَّ القَذْفَ يَكُوْنُ لِلنِّسَاءِ أَكْثَرُ؛ إِذِ البَغَايَا كَثِيْرَاتٌ قَبْلَ الإِسْلَامِ، وَقَذْفُ المَرْأَةِ أَشَدُّ، لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الشَّكَ فِي نَسَبِ أَوْلَادِهَا مِنْ زَوْجِهَا؛ فَيُلْحِقُ بِهَنَّ القَذْفُ ضَرَرًا أَكْبَرَ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الغَالِبِ.

[1] وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ. انْظُرِ السِّيَرَ لِلذَّهَبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ (175/ 3).
[2] صَحِيْحٌ. الحَاكِمُ (8076)، وَالدَّارَقُطْنِيُّ (3205)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي الكُبْرَى (16501)، وَالأَصْلُ لِلحَاكِمِ، وَمَا بَيْنَ قَوْسَيْنِ مُضَافٌ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الَّتِيْ أَوْرَدَهَا الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ بِأَسَانِيْدَ صَحِيْحَةٍ. اُنْظُرِ التَّعْلِيْقَ عَلَى حَدِيْثِ الضَّعِيْفَةِ (1446).
[3] قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي الضَّعِيْفَةِ (1446): (وَمِثْلُ هَذَا السَّاحِرِ المَقْتُوْلِ؛ هَؤُلَاءِ الطُّرُقِيَّةُ الَّذِيْنَ يَتَظَاهَرُوْنَ بِأَنَّهُم مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ؛ فَيَضْرِبُوْنَ أنْفُسَهُم بِالسَّيْفِ وَالشِّيْشِ، وَبَعْضُهُ سِحْرٌ وَتَخْيِيْلٌ لَا حَقِيْقَةَ لَهُ، وَبَعْضُهُ تَجَارِبٌ وَتَمَارِيْنٌ يَسْتَطِيْعُهُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ إِذَا تَمَرَّسَ عَلَيْهِ؛ وَكَانَ قَوِيَّ القَلْبِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَسُّهُم النَّارَ بِأَفْوَاهِهِم وَأَيْدِيْهِم، وَدُخُوْلِهِمُ التَّنُّوْرَ).
[4] قَالَ العَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (عُمْدَةُ القَارِي) (62/ 14): (احْتَرَزَ بِهِ عَنْ قَذْفِ الكَافِرَاتِ؛ فَإِنَّ قَذْفَهُنَّ لَيْسَ مِنَ الكَبَائِرِ، وَإِنْ كَانَتْ ذِمِيَّةً فَقَذْفُهَا مِنَ الصَّغَائِرِ لَا يُوجِبُ الحَدَّ، وَفِي قَذْفِهِ الأَمَةَ المُسْلِمَةَ التَّعْزيرُ دُوْنَ الحَدِّ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست