responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 176
- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مَا حُكْمُ زِيَارَةِ النِّسَاءِ لِلمَقَابِرِ؟
الجَوَابُ: فِيْهَا خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ العِلْمِ، وَقَدْ ذَهَبَ الأَكْثَرُ إِلَى الجَوَازِ مَعَ الكَرَاهَةِ [1] [2] - وَهُوَ الأَرْجَحُ - وَتَدُلُّ لَهُ أُمُوْرٌ، مِنْهَا ([3]):
1) عُمُوْمُ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُوْرِ فَزُوْرُوْهَا [4]؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُم الآخِرَةَ). [5] (6)
2) مُشَارَكَةُ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ فِي العِلَّةِ الَّتِيْ مِنْ أَجْلِهَا شُرِعَتْ زِيَارَةُ القُبُوْرِ (فَإِنَّهَا تُرِقُّ القَلْبَ، وَتُدْمِعُ العَيْنَ، وَتُذَكِّرُ الآخِرَةَ). (7)
3) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي زِيَارَةِ القُبُوْرِ، وَفِيْهَا أَحَادِيْثُ:
أ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَقْبَلَتْ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ المَقَابِرِ، فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ؛ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ؟ قَالَتْ: مِنْ قَبْرِ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لَهَا: أَلَيْسَ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ زِيَارَةِ القُبُوْرِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ نَهَى؛ ثُمَّ أَمَرَنَا بِزِيَارَتِهَا. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا (أنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي زِيَارَةِ القُبُوْرِ). [8] (9)
ب) فِي قِصَّةِ إِتْيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَقِيْعَ لَيْلًا لِيَسْتَغْفِر لِأَهْلِهِ؛ حَيْثُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا: (قُلْتُ: كَيْفَ أَقُوْلُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: (قُوْلِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُسْلِمِيْنَ، وَيَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمِيْنَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِيْنَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُوْنَ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [10] (11)
4) إِقْرَارُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا فِي حَدِيْثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: (اتَّقِيْ اللهَ وَاصْبِرِي). قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيْبَتِي - وَلَمْ تَعْرِفْهُ -، فَقِيْلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِيْنَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: (إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُوْلَى). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [12] (13)

[1] وَتَوَسَّعَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ فِي عُمُوْمِ النَّهْي حَتَّى لِزِيَارَةِ حُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ.
[2] قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي المَجْمُوْعِ (310/ 5): (وَالَّذِيْ قَطَعَ بِهِ الجُمْهُوْرُ أَنَّهَا مَكْرُوْهَةٌ لَهُنَّ كَرَاهَةُ تَنْزِيْهٍ).
وَفِي كِتَابِ (نَيْلُ الأَوْطَارِ) لِلشَّوْكَانِيِّ (134/ 4): (وذَهَبَ الأَكْثَرُ إِلَى الجَوَازِ إِذَا أُمْنَتِ الفِتْنَةُ، قَالَ القُرْطُبِيُّ: (اللَّعْنُ المَذْكُوْرُ فِي الحَدِيْثِ إِنَّمَا هُوَ لِلمُكْثِرَاتِ مِنَ الزِّيَارَةِ لِمَا تَقْتَضِيْهِ الصِّيْغَةُ مِنَ المُبَالَغَةِ، وَلَعَلَّ السَّبَبَ مَا يُفْضِي إِلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ تَضْيِيْعِ حَقِّ الزَّوجِ وَالتَّبَرُّجِ وَمَا يَنْشَأُ مِنَ الصِّيَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ: إِذَا أُمِنَ جَمِيْعُ ذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنَ الإِذْنِ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَ المَوْتِ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. انْتَهَى). وَهَذَا الكَلَامُ هُوَ الَّذِيْ يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي الجَمْعِ بَيْنَ أَحَادِيْثِ البَابِ المُتَعَارِضَةِ فِي الظَّاهِرِ).
[3] وَالأَدِلَّةُ مَأْخُوْذَةٌ مِنْ كِتَابِ أَحْكَامِ الجَنَائِزِ (ص180) لِلشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَقَالَ فِيْهِ رَحِمَهُ اللهُ أَيْضًا: (وَالنِّسَاءُ كَالرِّجَالِ فِي اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ القُبُوْرِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوْزُ لَهُنَّ الإِكْثَارُ مِنْ زِيَارَةِ القُبُوْرِ وَالتَّرَدُّدِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُفْضِي بِهِنَّ إِلَى مُخَالَفَةِ الشَّرِيْعَةِ؛ مِنْ مِثْلِ الصِّيَاحِ وَالتَّبَرُّجِ وَاتِّخَاذِ القُبُوْرِ مَجَالِسَ لِلنُّزْهَةِ، وَتَضْيِيْعِ الوَقْتِ فِي الكَلَامِ الفَارَغِ؛ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ اليَوْمَ فِي بَعْضِ البِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ المُرَادُ - إِنْ شَاءَ اللهُ - بِالحَدِيْثِ المَشْهُوْرِ: (لَعَنَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي لَفْظٍ: لَعَنَ اللهُ - زَوَّارَاتِ القُبُوْرِ).
[4] وَالأَمْرُ هُنَا لَيْسَ لِلوُجُوْبِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى قَاعِدَةِ: (الأَمْرُ بَعْدَ النَّهْي يُفِيْدُ مُطْلَقَ الإِبَاحَةِ).
[5] مُسْلِمٌ (1977)، وَالتِّرْمِذِيُّ (1054) عَنْ بُرَيْدَةَ مَرْفُوْعًا.
(6) وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ بِحَدِيْثِ (لَعَنَ اللهُ زَائِرَاتِ القُبُوْرِ) وَذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الحَدِيْثَ مُخَصِّصٌ لِلحَدِيْثِ السَّابِقِ، وَلَكِنْ أَيْضًا يُجَابُ عَلَى جَوَابِهِم بِأُمُوْرٍ؛ مِنْهَا:
أ- أَنَّ حَدِيْثَ الإِبَاحَةِ هُوَ نَاسِخٌ لِحَدِيْثِ نَهْي النِّسَاءِ الَّذِيْ فِيْهِ اللَّعْنُ.
قُلْتُ: وَلَا يُقَالُ هُنَا بِالتَّخْصِيْصِ - بِأَنْ يَكُوْنَ العَامُّ الَّذِيْ يَشْمَلُ الرِّجالَ وَالنِّسَاءَ هُنَا مَخْصُوْصٌ بِحَدِيْثِ النَّهْي الَّذِيْ فِيْهِ اللَّعْنُ لِلنِّسَاءِ -! وَذَلِكَ لِكَوْنِ العِلَّةِ مُشْتَرِكَةً فِي الحَالَتَيْنِ جَمِيْعًا، فَمَا كَانَ سَبَبًا لِلمَنْعِ مِنَ الزِّيَارةِ أَوَّلًا هُوَ مَشْتَرَكٌ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، ثُمَّ لَمَّا أُبِيْحَ أُبِيْحَ لِعِلَّةٍ أَيْضًا مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ؛ وَهِيَ التَّذْكِيْرُ بِالآخِرَةِ.
ب- أَنَّ حَدِيْثَ نَهْي النِّسَاءِ - فِقْهًا - بَاقٍ عَلَى عُمُوْمِ النَّهْي مِنْ جِهَةِ الإِكْثَارِ مِنَ الزِّيَارَةِ، وَمَنْسُوْخٌ مِنْ جِهَةِ مَنْعِ مُطْلَقِ الزِّيَارَةِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي السُّنَنِ (363/ 2) - عَقِبَ حَدِيْثِ لَعْنِ الزَّوَّارَاتِ -: (وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُرَخِّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زِيَارَةِ القُبُوْرِ، فَلَمَّا رَخَّصَ دَخَلَ فِي رُخْصَتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ).
(7) صَحِيْحٌ. الحَاكِمُ (1393) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا. صَحِيْح الجَامِعِ (4584).
[8] صَحِيْحٌ. الحَاكِمُ (1392)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي الكُبْرَى (7207). أَحْكَامُ الجَنَائِزِ (ص181).
(9) وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُم عَلَى المَنْعِ بِمَفْهُوْمِ حَدِيْثِ التِّرْمِذِيِّ (1055) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ؛ قَالَ: تُوفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِـ (الحَبَشِيِّ) - مَكَانٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ اثْنَا عَشَرَ مِيْلًا - فَحُمِلَ إِلَى مَكَّةَ فَدُفِنَ فِيْهَا، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ أَتَتْ قَبْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ - فِي جُمْلَةِ مَا قَالَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: (وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ). فَفِيْهِ ابْنُ جُرَيْحٍ مُدَلِّسٌ؛ وَقَدْ عَنْعَنَهُ. ضَعِيْفُ التِّرْمِذِيِّ (1055).
[10] رَوَاهُ مُسْلِمٌ (974).
وَالحَدِيْثُ بِتَمَامِهِ (قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِيْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْهَا عِنْدِي، انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ البَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا، فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِيْ، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، حَتَّى جَاءَ البَقِيْعَ فَقَامَ، فَأَطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ، فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ، فَلَيْسَ إِلَّا أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: (مَا لَكِ؟ يَا عَائِشُ، حَشْيَا رَابِيَةً) قَالَتْ: قُلْتُ: لَا شَيْءَ، قَالَ: (لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيْفُ الخَبِيْرُ)، قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: (فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِيْ رَأَيْتُ أَمَامِي؟) قُلْتُ: نَعَمْ، فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قَالَ: (أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيْفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُوْلُهُ؟) قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، نَعَمْ، قَالَ: (فَإِنَّ جِبْرِيْلَ أَتَانِي حِيْنَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوْقِظَكِ، وَخَشِيْتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي، فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ البَقِيْعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ)، قُلْتُ: كَيْفَ أَقُوْلُ لَهُمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: (قُوْلِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُسْلِمِيْنَ، وَيَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمِيْنَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِيْنَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُوْنَ).
وَ (الإحْضَارُ): الجَرْيُ، وَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الهَرْوَلَةِ.
وَ (لَهَدَنِي): دَفَعَنِيْ.
وَ (حَشْيَا): بِفَتْحِ المُهْمَلَةِ وَإسْكَانِ المُعْجَمَةِ مَعْنَاهُ وَقَعَ عَلَيْكِ الحَشَا؛ وَهُوَ الرَّبُو وَالتَّهَيُّجُ الَّذِيْ يَعْرِضُ لِلمُسْرِعِ فِي مَشْيِهِ مِنِ ارتِفَاعِ النَّفَسِ وَتَوَاتُرِهِ.
وَ (رَابِيَة): أَيْ: مُرْتَفِعَةُ البَطْنِ.
(11) وَأُجِيْبَ عَنْهُ بِأَنَّ الإِتْيَانَ هُنَا مَعْنَاهُ المُرُوْرُ بِجَانِبِ المَقْبَرَةِ وَلَيْسَ الدُّخُوْلَ! وَهُوَ بِعِيْدٌ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
[12] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1283)، وَمُسْلِمٌ (926).
(13) وَفِي الحَدِيْثِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو؛ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيْرُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ؛ إِذْ بَصُرَ بِامْرَأَةٍ - لَا تَظُنُّ أَنَّهُ عَرَفَهَا - فَلَمَّا تَوَسَّطَ الطَّرِيقَ؛ وَقَفَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ، فَإِذَا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللهِ، قَالَ لَهَا: (مَا أَخْرَجَكِ مِنْ بَيْتِكِ يَا فَاطِمَةُ؟) قَالَتْ: أَتَيْتُ أَهْلَ هَذَا المَيِّتِ؛ فَتَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ، وَعَزَّيْتُهُمْ بِمَيِّتِهِمْ. قَالَ: (لَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الكُدَى). قَالَتْ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ أَكُوْنَ بَلَغْتُهَا - وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ فِي ذَلِكَ مَا تَذْكُرُ -. فَقَالَ لَهَا: (لَوْ بَلَغْتِهَا مَعَهُمْ؛ مَا رَأَيْتِ الجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيْكِ). ضَعِيْفٌ. النَّسَائِيٌّ (1880). ضَعِيْفُ النَّسَائِيِّ (1880). وَ (الكُدَى): القُبُوْرُ.
وَوَرَدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيْثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ مَرْفُوْعًا فِي رُؤْيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسْوَةً خَرَجْنَ لِجِنَازَةٍ - لِغَيْرِ حَاجَةِ غَسْلٍ أَوْ نَحْوِهِ - قَالَ: (ارْجِعْنَ مَأْزُوْرَاتٍ؛ غَيْرَ مَأْجُوْرَاتٍ). ضَعِيْفٌ. ابْنُ مَاجَه (1578) عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوْعًا. الضَّعِيْفَةُ (2742).
قُلْتُ: وَفِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ (1278) - بَابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزَ - عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ قَالَتْ: (نُهِيْنَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ؛ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست