responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 167
- الشُّبْهَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ مَسْجِدَ بَنِي أُمَيَّةَ (المَسْجِدَ الأُمَوِيَّ) مُنْذَ دَخَلَ إِلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُم لَمْ يُنْكِرُوا وُجُوْدَ قَبْرِ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ!
وَالجَوَابُ هُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
1) أَنَّ المَسْجِدَ الأُمَويَّ إِنَّمَا أَنْشَأَهُ الوَلِيْدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ رَحِمَهُ اللهُ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ جُزْءًا مِنْ مَعْبَدٍ رُوْمَانِيٍّ أَوْ كَنِيْسَةٍ؛ وَاسْتَغَلَّ بِنَاءَهُ وَهَيْئَتَهُ لِيَكُوْنُ مَسْجِدًا، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ صَلَّى فِيْهِ مِنَ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ [1] أَنَّهُ رَأَى قَبْرًا فِيْهِ أَوْ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ شَأْنِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الاسْتِدْلَالِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ أَصْلًا.
2) دَعْوَى أَنَّ فِيْهَا قَبْرَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ إِنَّمَا هُوَ مَحْضُ اخْتِلَاقٍ. وَذَلِكَ لِأَسْبَابٍ:
أ) عَدَمُ وُجُوْدِ الدَّلِيْلِ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ غَايَةُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُم أَثْنَاءَ العَمَلِيَّاتِ فِيْهِ - عَمَلِيَّاتِ الإِصْلَاحِ لِجَعْلِهِ مَسْجِدًا - وَجَدُوا فِيْهِ مَغَارَةً فِيْهَا صُنْدُوْقٌ فِيْهِ رَأْسٌ؛ وَكُتِبَ عَلَى الصُّنْدُوْقِ: هَذَا رَأْسُ يَحْيَى، فَأَمَرَ الوَلِيْدُ بِإِبْقَائِهِ فِي مَكَانِهِ وَجَعَلَ العَمُوْدَ الَّذِيْ فَوْقَهُ مُغَيَّرًا مِنَ الأَعْمِدَةِ، فَلَمْ يُبْنَ عَلَيْهِ قَبْرٌ! بَلْ أَبْقَاهُ فِي مَغَارَتِهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهَذَا الأَثَرُ إِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ جِدًّا أَيْضًا، رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ [2]، وَفِي الإِسْنَادِ إِبْرَاهِيْمُ بْنُ هِشَامٍ الغَسَّانِيُّ، وَهُوَ كَذَّابٌ. (3)
ب - أَنَّ جُمْهُوْرَ المُؤَرِّخِيْنَ ذَكَرُوا أَنَّ رَأْسَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ فِي مَسْجِدٍ فِي حَلَبَ، وَلَيْسَ فِي المَسْجِدِ الأُمَوِيِّ. (4)
وَبَعْدَ هَذَا البَيَانِ لَا بُدَّ مِنَ العِلْمِ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدٍ فِيْهِ قَبْرٌ؛ العِبْرَةُ فِيْهِ بِالظَّاهِرِ وَلَيْسَ بِالحَقِيْقَةِ، فَوُجُوْدُ بِنَاءٍ أَوْ مَقَامٍ أَوْ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرٍ هُوَ كَافٍ فِي النَّهْي خَشْيَةَ الافْتِتَانِ، وَلَوْ لَمْ يُوْجَدْ فِيْهِ مَقْبُورٌ أَصْلًا. وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ، وَذَلِكَ لِوُجُوْدِ عِلَّةِ النَّهْي فِي الحَالَتَيْنِ، وَلِأَنَّ تَمْيِيْزَ حَقِيْقَةِ المَقْبُوْرِ فِي القَبْرِ لَيْسَ بِمُسْتَطَاعٍ لِعَامَّةِ النَّاسِ وَخَاصَّةً بَعْدَ مُرُوْرِ أَزْمِنَةٍ مِنْ وُجُوْدِ القَبْرِ فِي المَسْجِدِ. (5)

[1] وَقَدْ ثَبَتَ أنَّه قَدْ صَلَّى فِيْهِ كَثِيْرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم كَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَثَوْبَانَ.
[2] تَارِيْخُ دِمَشْقَ (241/ 2).
(3) اُنْظُرْ كِتَابَ (مِيْزَانُ الاعْتِدَالِ) (73/ 1).
(4) وَقَدْ ذَكَرَ الكَاتِبُ إِحْسَانُ عَبَّاس فِي كِتَابِهِ (شَذَرَاتٌ مِنْ كُتُبٍ مَفْقُوْدَةٍ فِي التَّارِيْخِ) (57/ 1) - نَقْلًا عِنْ تَارِيْخِ ابْنِ العَظِيْمِيِّ التَّنُوْخِيِّ -: ((سَنَةَ (435هـ): فِيْهَا ظَهَرَ بِبَعْلَبَك فِي حَجَرٍ مَنْقُوْرٍ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَنُقِلَ إِلَى حِمْصَ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى مَدِيْنةِ حَلَبٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِهَذَا المَقَامِ المَذْكُوْرِ فِي جُرْنٍ مِنَ الخَامِ الأَبْيَضِ، وَوُضِعَ فِي خِزَانَةٍ إِلَى جَانِبِ المِحْرَابِ، وَأُغْلِقَتْ وَوُضِعَ عَلَيْهَا سِتْرٌ يَصُوْنُهَا).
(5) كَمَا فِي رَدِّ العَلَّامَةِ مُلَّا عَلِي القَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (مِرْقَاةُ المَفَاتِيْحِ) (601/ 2) عَلَى شُبْهَةِ كَوْنِ قَبْرِ إِسْمَاعِيْلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الحَطِيْمِ (الحِجْرِ) عِنْدَ المِيْزَابِ فَقَالَ: (وَفِيْهِ أَنَّ صُوْرَةَ قَبْرِ إِسْمَاعِيْلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَغَيْرُهُ مُنْدَرِسَةٌ فَلَا يَصْلُحُ الاسْتِدْلَالُ بِهِ).
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست