responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 166
- الشُّبْهَةُ الخَامِسَةُ: زَعَمَ بَعْضُهُم أَنَّ المَنْعَ مِنِ اتِّخَاذِ القُبُوْرِ مَسَاجِدَ؛ إِنَّمَا كَانَ لِعِلَّةِ خَشْيَةِ الافْتِتَانِ بِالمَقْبُوْرِ! وَقَدْ زَالَتِ العِلَّةُ اليَوْمَ بِرُسُوْخِ الإِيْمَانِ وَالتَّوْحِيْدِ فِي قُلُوْبِ المُؤْمِنِيْنَ؛ فَزَالَ المَنْعُ! (1)
وَالجَوَابُ:
1) أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم إِنَّمَا دَفَنُوْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ خَشْيَةَ أَنْ يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا، فَغَيْرُهُمْ أَوْلَى مِنْهُم - أَيْ: مِنْ جِهَةِ الافْتِتَانِ -، وَأَيْضًا التَّابِعُوْنَ وَمَنْ بَعْدَهُم أَمَرُوا بِذَلِكَ وَعَمِلُوا بِهِ، كَمَا فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ؛ قَالَ: قَالَ لِيْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِيْ عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَدَعَنَّ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ، وَلَا صُوْرَةً إِلَّا طَمَسْتَهَا). [2] (3)
2) دَلَّتِ السُّنَّةُ الشَّرِيْفَةُ عَلَى أَنَّ الشِّرْكَ سَيَقَعُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ - وَهُوَ وَاقِعٌ الآنَ - وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ الغُلُوَّ فِي قُبُوْرِ الصَّالِحِيْنِ هُوَ أَهَمُّ أَسْبَابِهَا، وَعَلَيْهِ فَلَمْ تُؤْمَنْ فِتْنَةُ الشِّرْكِ بَعْدُ، وَانْظُرْ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ أَنَّ الشِّرْكَ وَاقعٌ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ:
- (لَا تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِيْ الخَلَصَةِ، وَذُوْ الخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِيْ كَانُوا يَعْبُدُوْنَ فِي الجَاهِلِيَّةِ). [4] (5)
- (لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهْارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالعُزَّى). فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنْ كُنْتُ لَأَظنُّ حِيْنَ أَنْزَلَ اللهُ {هُوَ الَّذِيْ أَرْسَلَ رَسُوْلَهُ بِالهُدَى وَدِيْنِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيْنِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُوْنَ} (التَّوْبَة:33) أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا. قَالَ: (إنَّهُ سَيَكُوْنُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيْحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إيْمَانٍ؛ فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فيهِ فَيَرْجِعُوْنَ إِلَى دِيْنِ آبَائِهِم). رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعًا. (6)
- (لا تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ منْ أُمَّتِي بِالمُشْرِكِيْنَ، وَحَتَّى تَعْبُدَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الأوْثانَ). (7)
- (لَا تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الأَرْضِ: اللهُ اللهُ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ [8]، وَفِي رِوَايَةٍ أَحْمَدَ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ). (9)

(1) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (208/ 3): (وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ المَنْعَ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ حَالَ خَشْيَةِ أَنْ يُصْنَعَ بِالقَبْرِ كَمَا صَنَعَ أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ لُعِنُوا، وَأَمَّا إِذَا أُمِنَ ذَلِكَ فَلَا امْتِنَاعَ وَقَدْ يَقُوْلُ بِالمَنْعِ مُطْلَقًا مَنْ يَرَى سَدَّ الذَّرِيْعَةِ - وَهُوَ هُنَا مُتَّجِهٌ قَوِيٌّ -).
قَالَ الشَّيخُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَعْلِيْقِهِ عَلَى الفَتْحِ: (بَلْ هَذَا هُوَ الحَقُّ, لِعُمُوْمِ الأَحَادِيْثِ الوَارِدَةِ بِالنَّهْي عَنِ اتِّخَاذِ القُبُوْرِ مَسَاجِدَ, ولَعْنِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ, وَلِأَنَّ بِنَاءَ المَسَاجِدِ عَلَى القُبُوْرِ مِنْ أَعْظَمِ وَسَائِلِ الشِّرْكِ بِالمَقْبُوْرِيْنَ فِيْهَا. وَاللهُ أَعْلَمُ).
قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ الشِّرْكُ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَى أَصْحَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي حَدِيْثِ (أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُم الشِّرْكُ الأَصْغَرُ) صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (23630) عَنْ مَحْمُوْدِ بْنِ لَبِيْدٍ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (951).
بَلْ إِبْرَاهِيْمُ نَفْسُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُ {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} (إِبْرَاهِيْم:35) فَهَلْ يُؤْمَنُ عَلَى غَيْرِهِ؟! بَلْ أَقُوْلُ: لَا يَأْمَنُ الفِتْنَةَ عَلَى نَفْسِهِ إِلَّا مَفْتُوْنٌ. وَاللهُ تَعَالَى هُوَ المُوَفِّقُ وَهُوَ الهَادِي لِلصَّوَابِ.
[2] مُسْلِمٌ (969).
(3) قَالَ المَعْرُوْرُ بْنُ سُوَيْدٍ الأَسَدِيُّ؛ خَرَجْتُ مَعَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا صَلَّى بِنَا الغَدَاةَ، ثُمَّ رَأَى النَّاسَ يَذْهَبُوْنَ مَذْهَبًا، فَقَالَ: أَيْنَ يَذْهَبُ هَؤلَاءِ؟ قَيْلَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَسْجِدٌ صَلَّى فِيْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ يَأْتُوْنَهُ يُصَلُّوْنَ فِيْهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم بِمِثْلِ هَذَا - يَتَّبِعُوْنَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِم، فَيَتَّخِذُوْنَهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا -، مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ المَسَاجِدِ فَلْيُصَلِّ؛ وَمَنْ لَا فَلْيَمْضِ، وَلَا يَتَعَمَّدْهَا). صَحِيْحٌ. أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي المُصَنِّفِ (7550). اُنْظُرْ تَخْرِيْجَ أَحَادِيْثِ فَضَائِل الشَّامِ وَدِمَشْقَ (ص50) لِلشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ.
[4] البُخَارِيُّ (7116)، وَمُسْلِمٌ (2906) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا.
(5) وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا جَرِيْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ البَجَليُّ كَمَا فِي البُخَارِيِّ (3020)، وَفِيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَا تُرِيْحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟) فَقَالَ جَرِيْرٌ: فَنَفَرْتُ فِي مَائَةٍ وَخَمْسِيْنَ رَاكِبًا، فَكَسَرْنَاهُ، وقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ) - وَفِي لَفْظٍ لَهُ (4357) - (كَانَ ذُو الخَلَصَةِ بَيْتًا بِاليَمَنِ لِخَثْعَمَ وبَجِيلةَ؛ فِيْهِ نُصُبٌ تُعْبَدُ، يُقَالُ لَهَا: الكَعْبَةُ، قَالَ: فَأَتَاهَا فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ وَكَسَرَهَا).
(6) مُسْلِمٌ (2907).
(7) صَحِيْحٌ. أَبُو دَاوُدَ (4252) عَنْ ثَوْبَانَ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (2654).
[8] قَالَ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (التَّذْكِرَةُ) (ص1351): (قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِم: قُيِّدَ (الله) بِرَفْعِ الهَاءِ وَنَصْبِهَا، فَمَنْ رَفَعَهَا؛ فَمَعْنَاهُ ذَهَابُ التَّوْحِيْدِ، وَمَنْ نَصَبَهَا؛ فَمَعْنَاهُ انْقِطَاعُ الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ. أَيْ: لَا تَقُوْمُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُوْلُ: اتَّقِ اللهَ).
(9) مُسْلِمٌ (148)، وَأَحْمَدُ (13833) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا.
اسم الکتاب : التوضيح الرشيد في شرح التوحيد المؤلف : نغوي، خلدون    الجزء : 1  صفحة : 166
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست