اسم الکتاب : الولاء والبراء والعداء في الإسلام المؤلف : البدراني، أبو فيصل الجزء : 1 صفحة : 13
الإيمان.
وهذا التفصيل هو قول الصحابة الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله وبالإسلام والكفر ولوازمها فلا تتلقى هذه المسائل إلا عنهم، فإن المتأخرين لم يفهموا مرادهم فانقسموا فريقين: فريقاً أخرجوا من الملة بالكبائر، وقضوا على أصحابها بالخلود في النار، وفريقاً جعلوهم مؤمنين كاملي الإيمان فهؤلاء غلوا، وهؤلاء جفوا. وهدى الله أهل السنة للطريقة المثلى والقول الوسط الذي هو في المذاهب كالإسلام في الملل, فها هنا كفر دون كفر ونفاق دون نفاق، وشرك دون شرك، وفسوق دون فسوق، وظلم دون ظلم. وقال سفيان بن عيينة: عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس في قوله تعالى:
(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
قال: هو بهم كفر، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقال في رواية أخرى عنه: كفر لا ينقل عن الملة. وقال طاووس: ليس بكفر ينقل عن الملة. وقال وكيع بن سفيان عن ابن جريج عن عطاء: كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق وهذا الذي قال عطاء بين في القرآن لمن فهمه، فإن الله سبحانه سمى الحاكم بغير ما أنزله كافراً، وسمى جاحد ما أنزله على رسوله كافراً, وليس الكافران على حد سواء.
وسمى الكافر ظالماً كما في قوله تعالى: (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
وسمى متعدي حدوده في النكاح والطلاق والرجعة والخلع ظالماً فقال:
(وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) وقال نبيه يونس (لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). وقال صفيه آدم (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا) وقال كليمه موسى {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي {وليس هذا الظلم مثل ذلك الظلم.
ويسمى الكافر فاسقاً: كما في قوله: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ {26} الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ) وقال: (وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ). وهذا كثير في القرآن. ويسمى المؤمن فاسقاً كما في قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) نزلت في الحكم بن أبي العاص , وليس الفاسق كالفاسق. وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) وقال عن إبليس: (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) وقال: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق) وليس الفسوق كالفسوق.
والكفر كفران، والظلم ظلمان، والفسق فسقان، وكذا الجهل جهلان: جهل كفر كما في قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).
وجهل غير كفر كقوله تعالى: (إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) وكذلك الشرك شركان: شرك ينقل عن الملة وهو الشرك الأصغر، وهو شرك العمل كالرياء, قال تعالى في الشرك الأكبر:
(إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ) وقال: (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)
"وفى شرك الرياء: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ
اسم الکتاب : الولاء والبراء والعداء في الإسلام المؤلف : البدراني، أبو فيصل الجزء : 1 صفحة : 13