responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 6
بواجب إجراؤها في معلولاتها لأنه لو كان كذلك لوجب أن يحرم سائر البياعات والمناكحات وعقود المداينات لإرادة الشيطان إيقاع العداوة والبغضاء بيننا في سائرها وأن يصدنا بها عن ذكر الله، فلما لم يجب اعتبار المعنى في سائر ما وجد فيه بل كان مقصور الحكم على المذكور دون غيره كان كذلك حكم سائر العلل الشرعية المنصوص عليها منها والمقتضية والمستدل عليها، وهذا مما يستدل به على تخصيص العلل الشرعية، فوجب بما وصفنا أن يكون حكم التحريم مقصوراً فيما وصفنا على المشركات منهن دون غيرهن، ويكون ذكر دعائهم إيانا إلى النار تأكيداً للحظر في المشركات غير متعد به إلى سواهن; لأن الشرك والدعاء إلى النار هما علما تحريم النكاح وذلك غير موجود في الكتابيات ... انتهى.
وقال ابن العربي: فَإِنْ قِيلَ: إنْ كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا كَمَا قُلْتُمْ فَالْعِلَّةُ تَجْمَعُهُمْ، وَهِيَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إلَى النَّارِ}؛ وَهَذَا عَامٌّ فِي الْكِتَابِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ. قُلْنَا: لَا نَمْنَعُ فِي الشَّرْعِ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ عَامَّةً وَالْحُكْمُ خَاصًّا أَوْ أَزَيْدُ مِنْ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّهَا دَلِيلٌ فِي الشَّرْعِ وَأَمَارَاتٌ، وَلَيْسَتْ بِمُوجِبَاتٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إلَى النَّارِ} يَرْجِعُ إلَى الرِّجَالِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} لَا إلَى النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ لَوْ تَزَوَّجَتْ كَافِرًا حُكِمَ عَلَيْهَا حُكْمُ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَتَمَكَّنَ مِنْهَا وَدَعَاهَا إلَى الْكُفْرِ، وَلَا حُكْمَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ؛ فَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
خلاصة القول في هذه المسألة:
الذي يظهر من هذه المسألة أن الزواج بالكتابية مكروه في أقرب الأقوال إلى الاعتدال، وهو قول جمهور العلماء قال ابن قدامة: (ليس بين أهل العلم اختلاف في حل نساء أهل الكتاب، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل) , وقد قال بكراهية الزواج بالكتابية كل من الحنفية والمالكية والشافعية وإن اختلفوا في درجة الكراهية من كراهية التنزيه إلى كراهية التحريم تبعًا إلى نوع الكتابية إذا كانت ذمية أو حربية مقيمة في دار الإسلام أو خارج دار الإسلام.
وخالفهم في ذلك الحنابلة فقالوا بجواز نكاح الكتابية مطلقًا بلا كراهية، وهو خلاف رأي الجمهور، ومخالف لما يُفهم من قوله تعالى: (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) حيث فضل الله عز وجل المرأة المسلمة المؤمنة على الكافرة، ولا جدال في أن الزواج بالكتابية ليس على درجة الإباحة والمساواة بالنسبة إلى المرأة المسلمة ولهذا يترجح لدي أن الزواج بالكتابية مكروه، وإن كانت المسألة تدور وراء المصلحة والمفسدة، فإذا غلب على الظن أن الزواج بالكتابية فيه مصلحة شرعية في حق الزوج أو حق الزوجة أو حق المسلمين عامة فهو مباح وقد يكون مستحباً، وإذا ترتب على الزواج أو غلب على الظن أن هذا الزواج فيه مضرة على المسلم في دينه ودين أولاده، وعلى المسلمين من حوله فإنه محرم لما يترتب عليه من مفاسد، حيث إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح, وننبه هنا على أن الإسلام اشترط على قول من يقول بجواز النكاح بالكتابيات، شروطًا: الأول أن تكون كتابية، ومن لا تؤمن بكتاب لا ينطبق عليها هذا الوصف، والشرط الثاني

اسم الکتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر المؤلف : البدراني، أبو فيصل    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست