على فراش! فحمد الله وأثنى عليه، فقال: ما بال أقوام قالوا: كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» [1].
والغلو يجري في مسائل الدين كلها: الاعتقادية والعملية.
وقوله: (بين الغلو والتقصير، وبين التشبيه والتعطيل، وبين الجبر والقدر، وبين الأمن والإياس) عطفُ هذه المتقابلات من قبيل عطف الخاص على العام؛ فإن التشبيه والتعطيل يندرجان في الغلو والتقصير؛ فالتشبيه غلو في إثبات الصفات، فالمشبهة يقول أحدهم: لله سمع كسمعي، وبصر كبصري، ويد كيدي! فيشبه الله بخلقه، ويشبه صفاته بصفات خلقه.
ويقابل التشبيه التعطيل، والتعطيل نفي الصفات، ونفيها تقصير فيما يجب إثباته لله تعالى؛ فإنه تعالى أوجب على عباده الإيمان بما أخبر به عن نفسه من أسمائه وصفاته، قال تعالى: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير).
والتشبيه والتعطيل كلاهما يتضمن الغلو والتقصير؛ فالتشبيه غلو في الإثبات وتقصير في التنزيه، والتعطيل غلو في التنزيه، وتقصير في الإثبات، فالمعطلة غلوا في التنزيه حتى نفوا صفات الرب تعالى زاعمين أنهم قالوا ذلك تنزيها لله عن مشابهة المخلوقات، فجمعوا بين التعطيل والتشبيه وبين الإفراط والتفريط.
وأهل السنة وسط في باب أسماء الله وصفاته بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة، ومذهبهم هو دين الإسلام في هذا الباب.
وقوله: (وبين الجبر والقدر)
الجبر هو مذهب الجهمية، ومن وافقهم، وحقيقته: أن العبد ـ [1] رواه البخاري (745)، ومسلم (1401) ـ واللفظ له ـ من أنس - رضي الله عنه -.