لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار» [1].
ومن يقول: إن اليهود والنصارى على دين صحيح؛ فإنه كافر؛ لأن ذلك يناقض ما وصفهم الله به، وأخبر عنهم، وهذه قضية ينبغي التنبه لها؛ لأنه قد اشتهر في هذا العصر الدعوة إلى وحدة الأديان، واعتقاد أن اليهود والنصارى والمسلمين كلهم على دين صحيح!
ودين الإسلام توسط واعتدال، بين الغلو والتقصير. والغلو: مجاوزة الحد. والتقصير: هو نقص فيما يجب القيام به. فهذان مدخلان للشيطان على الإنسان، فالشيطان؛ إما أن يحمل الإنسان على الغلو في الدين؛ فيقع في التجاوز؛ فيبتدع في الدين ما لم يأذن به الله.
أو يحمله على التقصير بترك واجب، أو فعل محرم.
والواجب الوقوف عند حدود الله، قال تعالى: {تلك حدود الله فلا تعتدوها} أي: بالتجاوز وهو الغلو.
وقال سبحانه: {تلك حدود الله فلا تقربوها} وهي: المحرمات؛ فقربانها تقصير، وقد يجتمع في الشخص الغلو والإفراط في جانب والتفريط والتقصير في جانب آخر؛ فيجمع بين الغلو والتقصير.
وهذا كثير في الأفراد والطوائف، قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقِّ} [النساء: 171]، وقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} فتحريم الحلال من الابتداع والتنطع والغلو في الدين، {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} وهذا تقصير.
وقد أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على الذين أرادوا أن يتبتلوا، وأن ينقطعوا للعبادة حين: «سألوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام [1] تقدم تخريجه في ص 92.