فلهذا يقول الطحاوي ـ رحمه الله ـ: (ولا نفضل أحدا من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام، ونقول: نَبِيٌ واحدٌ أفضل من جميع الأولياء).
والنبي والولي والرسول بين هذه المراتب الثلاثة عموم وخصوص، فكلُ رسولٍ نبيٌ، وكلُ نبيٍ وليٌ، فالرسل هم أفضل الأنبياء، وهم جميعا أفضل الأولياء، وليس كل ولي نبيا، والله تعالى قد قال: ((أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)) [يونس: 62 - 63] فهذا هو تعريف الولي: كل مؤمن تقي؛ فهو ولي ـ وأما تعريف النبي والرسول فقد تقدم [1] ـ، وهذا وصف ينطبق على الأنبياء بما فيهم الرسل، وينطبق على الصديقين والشهداء والصالحين، وهذه الآية لا نقول: إنها في خصوص الولي الذي ليس بنبي، لا؛ بل هي عامة ((أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)) [يونس: 62] وأولى الناس بهذا الوصف هم النبيون والمرسلون.
فالنبوة والرسالة تستلزم الولاية، ومطلق الولاية لا تستلزم النبوة والرسالة؛ لأنه ليس كل من يكون وليا لله يكون نبيا، فإذا قلنا: الولي: كل مؤمن تقي؛ فإن ذلك يعم الأنبياء والمرسلين وغيرهم، لكن إذا قلنا: الرسول والنبي والولي؛ فإنا نريد بالولي: كل مؤمن تقي سوى النبيين والمرسلين.
إذًا؛ فالولي في عبارة الطحاوي: (ولا نفضل أحدا من الأولياء على أحد من الأنبياء) من غير الأنبياء.
وتقدم [2] أن أولياء الله طبقتان: مقتصدون وسابقون، أو نقول: مقربون وأصحاب يمين، كما ذكر الله ذلك في مواضع من القرآن: ((فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ [1] ص 87. [2] ص 237.