خلق له) (كل يعمل لما قد فُرِغَ له) منه (وصائر إلى ما خُلِق له) فمن خلق للجنة فصائر إلى الجنة، ومن خلق للنار فصائر إلى النار، ولكن بالأسباب التي جعلها الله لذلك، فالنار أعدها الله للكافرين، ولن يخلد فيها إلا الكافرون، والجنة أعدت للمتقين، ولن يدخلها إلا نفس مؤمنة.
والأخذ بالأسباب هو فطرة فطر الله عليها العباد؛ لكن هناك أشياء ما ينظر بعض الناس للقدر فيها:
طلب الرزق فهو من جنس ما سبق به القدر من أمر السعادة والشقاوة، أفيقول عاقل: أنا أجلس ولا أطلب الرزق؛ لأنه سيأتيني؟! لا؛ بل إذا أصبح الناس نهضوا وانتشروا يطلبون الرزق.
نعم! قد يقوله الكسول تبريرًا لكسله وخموله ودَعَتِه.
وكما أنه موجَب العقل والفطرة، فهو أيضا موجَب الشرع، قال تعالى: ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولَاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ)) [الملك: 15]، ((فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)) [الجمعة: 10]
فكيف يأتي هذا لأخطر الأشياء ويقول: إذا كنت من أهل الجنة فسأترك العمل! لا والله، من ترك الإيمان والطاعة اتكالا على القدر، علمنا أنه إن مات على ذلك فهو من أهل النار، وكذا من نام عن صلاة الفجر وقال: إن كان كُتب لي أجر فسيجيئني بدون أن أقوم وأصلي! فهل سيكتب له أجر؟!
الله سبحانه رتب المسببات على الأسباب، فهناك مسببات لا تكون إلا بأسباب معينة، ولا يمكن تحصيلها إلا بهذا السبب المعين، كالولد، فلا يمكن لأحد أن يُولد له إلا بنكاح ووطء؟!
أما الرزق فله أسباب متعددة، وطرق كسب كثيرة، بخلاف الولد؛ فلا يوجد إلا سبب واحد معين.