بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، ـ إلى أن قال ـ وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السَّفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملإ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ... ) (1)
الشاهد: أن السنة قد دلت على إثبات هذه الأصناف من الملائكة: ملك الموت وملائكة الرحمة وملائكة العذاب.
وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا! فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس! فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا؛ فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك؛ فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نَصَفَ الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة
(1) رواه أحمد 4/ 287ـ واللفظ له ـ، وأبو داود (4753)، وصححه ابن خزيمة في التوحيد ص 119، وابن جرير في تهذيب الآثار ـ مسند عمر - رضي الله عنه - ـ 2/ 491 - ، والحاكم 1/ 37، من حديث البراء (مطولا، وصححه ـ أيضا ـ ابن القيم في الروح ص 88، وإعلام الموقعين 1/ 178، وتهذيب السنن 7/ 139.