وشعيب أنهم قالوا لأقوامهم: ((اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)) [المؤمنون: 23والأعراف: 65 و 73 و 85]
فالتوحيد هو أصل دين الرسل، وهو أول واجب على المكلفين، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) [1] مع شهادة أن محمدا رسول الله؛ لأن الشهادتين متلازمتان لا تصح إحداهما إلا بالأخرى، فلابد منهما جميعا، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) [2] فَعَدَّ هذه الشهادة واحدا من المباني الخمسة.
فالكافر الأصلي أو النصراني أو اليهودي أو المشرك إنما يدخل في الإسلام بإقراره بالشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، مع التزامه بالشرائع الأخرى كما قال تعالى: ((فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)) [التوبة: 5]، ((فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)) [التوبة: 11] وقال بعض أهل الكلام [3]: إن أول واجب هو النظر، ويريدون بالنظر التفكر في الأدلة الكونية مثلا، فقالوا: إن أول واجب هو النظر، وبعضهم تنطع وقال: بل أول واجب القصد إلى النظر، وأقبح من هذا وذاك من قال منهم: إن أول واجب هو الشك! يعني أول واجب أن يشك الإنسان في الحقائق، فيشك في وجود الله وفي إلهيته، ثم بعد ذلك ينظر في الأدلة!
بئس ما قالوا أنْ جعلوا الكفر هو أول واجب؛ لأن الشك بالله كفر.
وهذه الأقوال ظاهرة الفساد والبطلان.
والنظر مشروع لكن لا يقال: إنه أول واجب، والنظر قد ندب الله إليه العباد، فمن كان عنده توقف أو شك مثل حال الكفار فعليه أن ينظر [1] رواه البخاري (25)، ومسلم (22) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. [2] رواه البخاري (8)، ومسلم (16) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. [3] درء تعارض العقل 7/ 352 و 405 و 8/ 3، ومدارج السالكين 3/ 412.