يقول: «نقول في توحيد الله معتقدين» هذا فيه تنبيه على أنه لا بد من الجمع بين اعتقاد القلب وإقرار اللسان، فلا يكفي أحدهما دون الآخر، لا بد في التوحيد من اعتقاد القلب وهو: العلم والتصديق الجازم بأنه تعالى واحد، وإقرار اللسان بذلك.
ثم يقول: «بتوفيق الله» هذه لها دلالة عظيمة، وهي: أن إيماننا وقولنا واعتقادنا إنما يتحقق لنا بتوفيقه سبحانه وتعالى وهدايته، فنحن نقول ونعتقد ما نعتقده بتوفيقه سبحانه، وهذا يتضمن الإيمان بالشرع والقدر جميعا.
(إن الله واحد لا شريك له) هذا هو ما نقوله وما نعتقده في وحدانيته الله تعالى: (إن الله واحد لا شريك له) واحد اسم من أسمائه جاء في القرآن في مواضع مقرونا باسمه القهار (وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16]، ((أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)) [يوسف: 39]، فهو الواحد قال تعالى: ((وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)) [البقرة: 163] ((وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ)) [المائدة: 73].
(إن الله واحد) هو واحد، والوحدة تنافي الشريك، ولهذا أكدها بقوله: (لا شريك له)، فهو متفرد عن الشركاء، فهو الربُ ولا ربَ غيره، فهو ربُ كلِ شيء، فهو واحد في ربوبيته في أفعاله، فلا خالق ولا رازق ولا مدبر لهذا الوجود سواه، وهو واحد في إلهيته فلا إله غيره، ولا شريك له، ولا معبود بحق سواه، وهو واحد في أسمائه وصفاته، فلا شبيه له في شيء من صفاته وأفعاله.
(إن الله واحد لا شريك له) إذاً؛ هذه الجملة ضمنها المؤلف أصل الدين، وهو التوحيد، فالتوحيد بكل معانيه هو أصل دين الرسل من أولهم إلى آخرهم، خصوصا توحيد العبادة.
وقد أخبر سبحانه وتعالى عن الرسل إجمالا وتفصيلا بذلك قال تعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)) [الأنبياء: 25] وقال تعالى: ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)) [النحل: 36]، وأخبر عن أنبيائه: نوح وهود وصالح