وكم من كافر يسلم ثم ينضم إلى صف المسلمين فيقاتِل ويُقتَل ولم يعمل قبلها شيئا؛ لكنه آمن بالله ورسوله إيمانا صادقا، وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد) [1] وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في الصحيحين: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. قال: فوالله الذي لا إله غيره، إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) [2] فالعبرة بالخواتيم، ماذا ينفع من كان دأبه الإحسان إذا تحول وتغير وانقلب من الإحسان إلى العدوان فبعد أن كان محسنا مصلحا صار ظالما مفسدا، فمن كان مؤمنا مدة طويلة، ثم صار كافرا، فكفره يحبط ما قبله.
ولهذا من أهم ما يجب أن يهتم به المسلم أمر الخاتمة، فيسأل ربه الثبات أولا؛ لأن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، ومن دعائه النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) [3] وهذا يتضمن سؤال حسن الخاتمة، والله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ [1] رواه البخاري (2826)، ومسلم (1890) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. [2] في ص 72. [3] رواه أحمد 3/ 112، والبخاري في الأدب المفرد (684)، والترمذي (2140) ـ وقال: حسن ـ وصححه الحاكم 1/ 526 والضياء في المختارة 6/ 211 من حديث أنس - رضي الله عنه - وروي من حديث غيره من الصحابة.