في الوقت الذي نبغت فيه طوائف "متطفلة" من "أنصاف، وأرباع" المتعلمين، فضلا عن المبتدعة، والغوغاء الجاهلين الذين فرضوا أنفسهم فرضا على الساحة الفكرية، وشكلوا "مراكز قوى" تبادر من تلقاء نفسها إلى أن تدلي بدلوها في كل نازلة عبر وسائل الإعلام، وتفتئت على المرجعية الشرعية؛ إن لم تسفه أقوالها، وتَفْرِ أعراضها، وتضغط عليها.
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ضَافَ ضَيْفٌ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وفي دَارِهِ كَلْبَةٌ مُجِحّ [1]، فَقَالَتِ الْكَلْبَةُ: "وَاللهِ لَا أَنْبَحُ ضَيْفَ أَهْلِي"، قَالَ: فَعَوَى جِرَاؤُهَا [2] فِي بَطْنِهَا، قَالَ: قِيلَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: فَأَوْحَى اللهُ -عز وجل- إِلَى رَجُل مِنْهُمْ: "هَذَا مَثَلُ أُمَّة تكونُ مِنْ بَعْدِكُمْ يَقْهَرُ سُفَهَاؤُهَا أَحْلَامَهَا" [3][4].
وقال -صلى الله عليه وسلم- للأعرابي الذي سأله: متى الساعة؟: "إذَا ضُيِّعَتِ إلأمَانةُ؛ فانْتَظِر السَّاعَةَ"، قال: كيف إضاعتها؟ قال: "إذَا وُسِّدَ الأمْرُ إلى غَيرِ أَهْلِهِ؛ فانْتَظِر السَّاعَةَ" [5]. [1] مُجِحٌّ: حامل قَرُبَ وقت ولادتها. [2] الجرو: الصغير من ولد الكلب والأسد والسباع، وجمعه: جِراء، وأَجْراء. [3] أحلامها: عقلاءها. [4] رواه الإمام أحمد (2/ 170)، رقم (6588)، وقال الشيخ أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، وقال في "مجمع الزوائد": (رواه أحمد والبزار والطبراني) اهـ. (7/ 280). [5] رواه البخاري (1/ 142 - فتح).