العلم المحيط بالغيوب التي لا نهاية لها، ومن أصول التوحيد أنه تعالى لا شريكَ له في ذاته ولا في صفة من صفاته، والرسول -صلى الله عليه وسلم- عبدُ الله، لا يعلم من الغيب إلا ما أوحاه الله تعالى إليه، لأداء وظيفة التبليغ.
ولكن الغلاةَ يرون من التقصير في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه أن تكون صفاته دون صفات ربه وإلهه، وخالق الخلق أجمعين، فكذَّبوا كلام الله تعالى، وشبَّهوا به بعض عبيده؛ إرضاءً لغلوهم، ومثل هذا الغلو لم يُعْرَفْ عن أحد من سلف هذه الأمة، ولو أراد الله تعالى أن يُعْلِمَ رسوله -صلى الله عليه وسلم- بوقت قيام الساعة، بعد كل ما أنزله عليه في إخفائها، واستئثاره بعلمه، لما أكَّده كلَّ هذا التأكيد في هذه السورة وغيرها؛ كقوله -عز وجل-: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} ([1]) ". اهـ.
الْحِكْمَةُ في تَقْدِيمِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَدِلاَلَةِ النَّاسِ عَلَيهَا
ثبت في حديث جبريلَ المشهورِ أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ"، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا المسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ"، قال: "فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا" [2]، وفي رواية قال: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِاَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا ... " الحديث [3].
(1) "تفسير المنار" (9/ 391، 392). [2] روى هذا اللفظ مسلم في "صحيحه " (8). [3] رواه البخاري (50)، ومسلم (8).