اسم الکتاب : فقه أشراط الساعة المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 324
الْمقَالُ السادس: مِنْ سنَن الأنْبِياءٍ الأخْذُ بالأسبَاب المادِيةِ
قال الأستاذ/ محمد العبدة -حفظه الله تعالى-:
"في غمرة الاندفاع العاطفي، وزحمة الأحداث السطحية، يتناسى المسلمون، أو قد يجهلون سننَ التغيير التي أودعها الله -سبحانه وتعالى- في كتابه، أو أجراها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وبعض هذه السنن يعرفها الناس بالتجرِبَةِ الطويلة، والخبرات المتراكمة المتأملة. ومن هذه السنن أن الدعواتِ الصادقةَ إذا أُرِيدَ لها النجاحُ؛ لابد لها من قُوًى تؤيدها، وتنصرها؛ قوى من التكتل الجماهيري الذي يلتف حول هدف واضح محدد، أو بمصطلح ابن خلدون: لابد من "العصبية" التي تعني الالتحام، والتعاضد، والتنافر؛ لتحقيق هدف معين، وليس المعنى المذموم لكلمة "عصبية".
وإذا كان التكتل سابقًا يَعْتَمِدُ على القبائل، والعشائر، فإنه في العصر الحديث يعتمد على جميع شرائح المجتمع، الذين يلتفون حول علماء فقهاء؛ يُعمِلون بفقههم، وتفكيرهم سننَ التغيير، وتحويل المجتمعات، والتأثير فيها، وخاصةً ما نحن فيه من تعقيدات هذا العصر.
هذه القوة والمنعة هي التي افتقدها نبي الله لوط -عليه السلام- حين قال: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)} [هود: 80]، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رَحِمَ اللهُ لُوطًا كانَ يَأوِي إِلى رُكنٍ شَدِيدٍ، وَمَا بَعَثَ الله بَعدَهُ نَبِيًّا إِلا وَهوَ في ثَرْوَةٍ مِنْ قَومِهِ" [1]. [1] رواه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الإمام أحمد، (2/ 232)، والحاكم، (5/ 561)، وقال: "صحيح على شرط مسلم"، وأقره الذهبي، وأورده الألباني في "الصحيحة"، رقم (1867).
اسم الکتاب : فقه أشراط الساعة المؤلف : المقدم، محمد إسماعيل الجزء : 1 صفحة : 324