النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في آخره: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» [1] والشاهد أنه عدَّ ما يتعلق بأمارات الساعة من الدين.
ثانيًا: إشباع الرغبة الفطريه [2] في الإنسان التي تتطلع لاستكشاف ما غاب عنه [3]، واستطلاع ما يحدث في المستقبل من وقائع وكائنات، وإذا [1] رواه مسلم، رقم (8) كتاب الإيمان. [2] وهذا ما يعبر عنه "علم النفس" بحب الاستطلاع Curiosity، ويقولون في تعريفه: "ميل يدفع الفرد إلى المعرفة، وخاصة معرفة الجديد من الأمور والأشياء، وإلى استطلاع كل غريب، ومعرفة المزيد عنه بالبحث والتقصي، واكتشاف المجهول، وفض غموضه".
ويكمن حب الاستطلاع وراء ثراء المعرفة البشرية ونموها، وتقدم الاختراعات والصناعات، ويميل البعض إلى اعتبار حب الاستطلاع "غريزة" ودافعًا فطريًّا موروثًّا تستثيره المواقف والأشياء الغامضة أو المجهولة، انظر: "موسوعة علم النفس" د/ فرج طه، ص (297 - 298). [3] ونحن نرى الجهود الهائلة التي يبذلها العلماء المعاصرون؛ للكشف عن الغيب المجهول في الماضي البعيد، والغيب المجهول في الحادثات المقبلة، والغيب المجهول في الفضاء المحيط بنا؛ فيصنعون المناظر المكبرة، والمراصد الهائلة، ويطلقون سفن الفضاء، والأقمار الصناعية؛ كي يعلموا ما لا يعلمون؛ فلا شك أن الاطلاع على حقائق هذا الغيب من الجهة المعصومة التي لا تخطئ، ولا تكذب أبدًا، وهي الوحي الصادق، أولى وأحرى، قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [الملك: 14]، إن الإنسان يتشوف دومًا إلى رؤية ما سمع عنه؛ فإن عجز، فربما أبدع خياله التصورات، حتى لو كان تخيله سخيفًا، لكنه يظن أن تخيلاته تسد جَوْعَة عقله، وتشبع فضوله؛ فعندما جهل الإنسان كيفية حدوث الزلازل زعم أن الأرض محمولة على قرن ثور عظيم؛ فإذا تعب من حملها، نقلها إلى قرنه الثاني؛ فتهتز وهو ينقلها، أما الذي يتنزه عن الخيالات،=