اسم الکتاب : كتاب التوحيد المسمى التخلي عن التقليد والتحلي بالأصل المفيد المؤلف : العرباوي، عمر الجزء : 1 صفحة : 170
الرسول لقومه، ويشرف منه بهم على مصارع الذين عصوا رسل ربهم، وأنكروا مكانهم فيهم ...
فهذا هود عليه السلام يذكر قومه بما حل بقوم نوح فيقول لهم: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} وهذا سيدنا صالح يذكر قومه بما وقع لقوم هود فيقول: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ} ...
وهذا نبي الله شعيب عليه السلام يحمل المثل لقومه ويستعرض مشاهد الدمار والبلاء التي نزلت بمن سبقوهم في تحدى الرسل وإعناتهم: {وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} (سورة هود). فهذه المهلكات التي رمى بها أولئك الأغبياء المعاندون لم تكن إلا مثلا تخيف من حولهم ومن بعدهم، وتدعوهم إلى الإنصياع والتسليم للهداة الراشدين الذين يدعونهم إلى الصراط المستقيم، وهذا ما تنطق به الآية الكريمة في قوله تعالى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} (سورة الاسراء) ...
وإذا كانت دعوة إبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم السلام قد استرخى بها الزمن حتى رشدت الإنسانية أو كادت- قد حملت إلى الناس دعوة إلى الله قائمة على النظر في ملكوته، وعلى الإيمان به عن طريق هذا النظر الذي يرسله الإنسان في هذا الوجود فيعود إليه محملا بالآيات الدالة على قدرة الله الناطقة بحكمة الخالق وعظمته ...