اسم الکتاب : كتاب التوحيد المسمى التخلي عن التقليد والتحلي بالأصل المفيد المؤلف : العرباوي، عمر الجزء : 1 صفحة : 169
{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (سورة الأعراف) ...
ونلاحظ هنا أن دعوة شعيب عليه السلام لم تقف عند حدود الدعوات الثلاثة السابقة، وهي مجرد الدعوة إلى الله، بل إنها شملت الأمر بعبادة الله، ثم تجاوزته إلى بعض أحكام الشرع، وذلك بمخاطمة الضمير الإنساني ودعوته إلى رعاية حقوق الناس ومعاملاتهم بالعدل ...
والضمير إنما يأخذ مكانه في كيان الإنسان حين يرشد ويكتمل وعيه أما في مرحلة الطفولة والصبى فلا مكان للضمير فيها ...
إننا مع قوم شعيب إزاء إنسانية كادت تستكمل حظها من العقل والإدراك، فهم لهذا أهل لكي تخاطب فيهم ضمائرهم وأن يطلب إليهم إقامة حياة إجتماعية يؤدي فيها الفرد حقوق الآخرين لكي يؤدوا له حقه وقد كان القوم معاصرين لقوم لوط عليه السلام وهلاك هؤلاء الأمم الذين عصوا رسلهم، فبعضهم هلك بالطوفان، وبعضهم أرسل عليهم الصواعق، وبعضهم بالريح العاصفة المدمرة، وبعضهم بالصيحة {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} وهذا العذاب الأليم الذي أصاب الذين ظلموا أنفسهم لم يذهبوا هباء وإنما خلفوا وراءهم عبرة ماثلة وموعظة بالغة لمن كان من غيرهم- في أيامهم، ولمن أتى من الجماعات من بعدهم. إن طوفان نوح وعواصف هود ورجفة صالح- وقد هلك بها من هلك- قد كانت عبرة وعظة انتفع بها كثير، واهتدى بها كثير، ولا تزال إلى اليوم درسا نافعا وعظة ماثلة لكل من أراد العبرة والموعظة.
ولا نذهب بعيدا، فقد كانت كل زاجرة من تلك الزواجر مثلا يسوقه
اسم الکتاب : كتاب التوحيد المسمى التخلي عن التقليد والتحلي بالأصل المفيد المؤلف : العرباوي، عمر الجزء : 1 صفحة : 169