اسم الکتاب : كشف شبهات الصوفية المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 179
أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى. قال: فهو قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ}» وقال الحاكم: (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وقول ابن عباس هذا في حكم المرفوع من وجهين:
الأول: أنه أمر غيبي لا يقال من مجرد الرأي.
الثاني: أنه ورد في تفسير الآية، وما كان كذلك فهو في حكم المرفوع ولا سيما إذا كان من قول إمام المفسرين عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - الذي دعا له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله: «اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل».
الموضع الثاني: قوله في آخره: «ولولا محمد ما خلقتك» فإن هذا أمر عظيم يتعلق بالعقائد التي لا تثبت إلا بنص صحيح، ولو كان ذلك صحيحًا لورد في الكتاب والسنة الصحيحة، وافتراض صحته في الواقع مع ضياع النص الذي تقوم به الحجة ينافي قوله تبارك وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9). والذكر هنا يشمل الشريعة كلها قرآنًا وسنة، وأيضًا فإن الله تبارك وتعالى قد أخبرنا عن الحكمة التي من أجلها خلق آدم وذريته، فقال - عز وجل -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)، فكل ما خالف هذه الحكمة أو زاد عليها لا يقبل إلا بنص صحيح عن المعصوم - صلى الله عليه وآله وسلم - كمخالفة هذا الحديث الباطل.
شبهة: قال أحد دعاة الصوفية المعاصرين: معنى قولنا: «لولا سيدنا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ما خلق الله الخلق» تلك عبارة لا تتناقض مع الإسلام وأصول العقيدة وأساسيات التوحيد، بل تؤكده وتدعمه خاصة إذا فُهِمت بالشكل الصحيح الذي سنبينه إن شاء الله.
فمعنى القول بأنه لولا سيدنا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ما خلق الله الخلق، هو أن الله - سبحانه وتعالى - قال في كتابه العزيز: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، فتحقيق العبادة هي حكمة الخلق، والعبادة لا تتحقق إلا بالعابدين، فالعبادة عرض قائم بالعابد نفسه، وأفضل العابدين هو سيدنا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، فهو عنوان العبادة، وعنوان التوحيد، كما أن الآية تتكلم عن الجن والإنس ولا تتكلم عن الخلق أجمعين. أما باقي ما في السموات
اسم الکتاب : كشف شبهات الصوفية المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 179