اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 470
كما قال شيخ المفسرين ابن جرير - رحمه الله -: «يقول - تعالى ذكره - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - (إنَّك) يا محمد! (لا تهدي من أحببت) هدايته (ولكن الله يهدي من يشاء) أن يهديه من خلقه، بتوفيقه للإيمان به وبرسوله، ولو قيل: معناه إنك لا تهدي من أحببته لقرابته منك، ولكن الله يهدي من يشاء، كان مذهباً» [تفسير ابن جرير 11/ 91،وانظر: فتح الباري لابن حجر 8/ 506.].
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي: «ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن نبيه - صلى الله عليه وسلم - لا يهدي من أحبَّ هدايته .. » [أضواء البيان 6/ 456.].
وتفوَّه آخرون بتوقير الكافر والاحتفاء به، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام لجنازة يهودي .. وقد جاء في الروايات الثابتة ما يبيِّن ذلك، فمن ذلك: «إن الموت فزع»،ومعناه: أن الموت يفزع منه، إشارة إلى استعظامه، وفيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يقلق من أجلها ويضطرب، وفي رواية ثانية «إنما قمنا للملائكة»،وفي لفظ ثالث «إنما تقومون إعظاماً للذي يقبض النفوس»،وفي رواية رابعة «إعظاماً لله الذي يقبض الأرواح».ولا تعارض بين ذلك كله، فالقيام للفزع من الموت هو من تعظيم أمر الله تعالى، وتعظيم للقائمين بأمره وهم الملائكة، كما قره الحافظ ابن حجر في الفتح [3/ 180.].
فكيف وقد توافرت النصوص الصريحة الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشروعية مجانبة اليهود - وسائر الكفرة - ومخالفتهم حتى قالت يهود: «ما يريد هذا الرجل - يعنون نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - - أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه» [أخرجه مسلم ح (302).].
والمقصود أن الولاء للمؤمنين والعداوة للكافرين من آكد المحكمات البيّنات والثوابت القطعيات كما جاء واضحاً جلياً في نصوص الوحيين وقواعد الشريعة .. وإن تطاول أحدهم على هذا الأصل الكبير، ولوَّح بنص أو دليل يعكر على هذا الأصل، فهذا من المتشابه الذي ينبغي ردُّه إلى المحكم البيِّن، ولا يُعرض عن المحكمات، ويتبع المشتبهات إلا أهل الزيغ من النصارى وأشباههم، كما قال - تعالى- عنهم: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ
اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 470