اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 449
ولذلك فإنه لما أبغض بعض الناس بعض التشريعات بغضاً دينياً جعل الله ذلك منهم ردة وخروجاً عن الإسلام ولم يقل الحب والبغض شعور يهجم على القلب لاحيلة له فيه! كما قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) [محمد:9]
وأما قول بعضهم (بعض الكفار يحسنون إلينا، فكيف نكرههم وهم يحسنون إلينا، ولايوجد إنسان سوي إلا وهو يحب من أحسن إليه، ويجد ذلك في نفسه ضرورة).فهؤلاء المعترضين بمثل ذلك لم يتفطنوا إلى أن الحب هو حصيلة أفعال المحبوب، والبغض هو حصيلة أفعال المبغوض، فهذا الكافر أحسن إليك بمال أو هدية أو ابتسامة لكنه أساء إلى ربك بالكفر، وربك أغلى عليك من نفسك، ولذلك فإساءته لك أعظم أضعافاً مضاعفة من إحسانه المادي إليك، إلا إن كانت نفسك أغلى عليك من ربك وخالقك، وصرت ترى أن من أساء إليك فهو مستحق للبغض، لكن من أحسن إليك واساء لخالقك فهو مستحق للحب، فقائل هذا قد جعل نفسه أعظم من الله ولاحول ولاقوة إلا بالله، وإلى هذا المعنى أشار السبكي إشارة بديعة للغاية حين قال في فتاواه:
(والذي يظهر أن النفوس الطاهرة السليمة لا تبغض أحدا ولا تعاديه إلا بسبب، إما واصل إليها، أو إلى من تحبه أو يحبها, ومن هذا الباب عداوتنا للكفار بسبب تعرضهم إلى من هو أحب إلينا من أنفسنا) [انظر فتاوى السبكي،2/ 476]
فمن اعترض بالقول أنه ليس من المروءة أن أبغض كافراً أحسن إلي؟ فيقال له: بل ليس من المروءة أن تحب كافراً أساء لخالقك لمجرد أنه رشاك بلعاعة من الدنيا، فخالقك قد أحسن إليك أضعاف أضعاف ما يقدمه لك هذا الكافر، بل لانسبة للنعم التي أعطاك إياها خالقك ولعاعة الدنيا التي أعطاك إياها هذا الكافر.
وعلى أية حال فإن من يستحضر أن هذا الكافر يسئ إلى الله بجحد إلهيته أو نبوة محمد ولم يهجم على قلبه بغضه قلبياً فهذا يعني أنه قلبٌ ميت، فليبك على قلبه، فإن القلب الحي لايرضى بأن يساء لخالقه ومولاه، إلا إن كان يعتبر الكفر وجهة نظر شخصية لاتغضب الله!
اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 449