هذا كله يجعلون الاشتغال بما صح نقله عن المعصوم صلى الله عليه وسلم لا يعدو هذه المنزلة؟.
أما عن قضية التفريق بين المتواتر والآحاد، فالحق الذي لا مرية فيه أنهم تحت هذا الستار طعنوا في السنة النبوية كلها، وطعنوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجملة عدالةً وضبطًا.
وهنا عند الحديث عن هذه القضية الكبرى أجدني مرغمًا لنقل كلام الأشاعرة إرغامًا، وهو في الحقيقة مما يتألم المرء من قراءته، فضلًا عن نقله، ولقد كنا نصبّ جام غضبنا على المستشرقين بسبب موقفهم من هذا الموضوع، فلما ظهر أبو رَيَّة عرفنا أن في صفوفنا من هو أخطر منهم، ثم ظهر الدكتور حسن الترابي [1]، فاستعذنا بالله وقلنا رأيٌ شاذٌّ، فلما قرأنا هذا الكلام ونحوه لأشاعرة معاصرين [2]، ثم وجدناه في كلام الرازي والجويني؛ أيقنَّا أننا أمام مدرسة فكرية، واتجاه مرسوم، وليست شذوذات فردية.
يقول صاحب (أساس التقديس) بعنوان: (كلام كلي في أخبار الآحاد): «أما التمسك بخبر الواحد في معرفة الله تعالى فغير جائزٍ، يدل عليه وجوه: [1] انظر مجلة المجتمع، العدد ((573)) سنة (1402هـ)، مقالة له بعنوان: الفكر الإسلامي بين القديم والجديد. تجد بعض كلام الرازي هنا بنصه، فمصدرهما واحد، أو هو نقل عن نقل، والله أعلم. ومثله ما كتبه محمد حسن هيتو في جملة المجتمع أكثر من مرة. [2] انظر كتاب: جولات في الفقهين الكبير والأكبر.