فالأصل هو عدم إضاعة الوقت فيما لا جدوى من الخوض فيه، أما أخذها بدون تأويل سواء متواترةً أو آحادًا، فأمرٌ ما خطر بالبال!.
ولقد ترتب على هذا ما ترتب؛ الجهل الفاضح المتعمّد بالسنة النبوية روايةً ودرايةً، والجهل كذلك بكتاب الله، فإن الجويني وهو الملقب عندهم بإمام الحرمين، وهو من أساطين الشافعية الأشاعرة قد ألف كتابًا كبيرًا في الفقه الشافعي هو (نهاية المطلب في دراسة المذهب) لم يذكر فيه حديثًا واحدًا معزوًّا إلى صحيح البخاري، إلا أنه ذكر حديثًا واحدًا في البسملة، وعزاه للبخاري وليس فيه [1].
والغزالي يعترف لتلميذه أبي بكر بن العربي أن بضاعته في الحديث مزجاة على أن ما في كتابه (إحياء علوم الدين) من الموضوعات والأباطيل يغنينا عن كل اعتراف [2]، فما بالك بمن جاء بعدهم من أصحاب الحواشي الجافة الميتة؟.
وتظهر المفارقة أعظم وأعظم حين تجد هؤلاء القوم يضيعون الأعمار ويؤلفون المجلدات الضخام في الاشتغال بمقالات الفلاسفة من وثنيي اليونان، ومشركي الصابئة ويسمونهم (الحكماء)، ويجهدون أنفسهم وقرَّاءهم في أقوالهم أخذًّا وردًّا وموافقةً ومناقشةً، ثم هم مع [1] انظر التسعينية (ص251). ولهذا لا يعتد الشافعية بآرائه الفقهية، فكيف يقلدونه في العقيدة؟!. [2] انظر الرد على المنطقيين (ص (482))، وأراء أبي بكر بن العربي الكلامية (1/ 113).