اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح الجزء : 1 صفحة : 686
الأسئلة:
س[1]/ يقول أشكل عند قول الطحاوي: (حب الصحابة دين وإيمان) [1] ، وذلك من جهة تسمية حب الصحابة إيمان، والحب عمل القلب وليس هو التصديق، فيكون العمل داخِلَاً في مُسَمَّى الإيمان.
ج/ هذا مُشْكِلْ وقد ذكر الشارح أنه مُشْكِلٌ على أصل الشيخ، وهذا ظاهر أنه مُشْكِلْ، وما من أحد يخالف السّنة إلا ويقع في التناقض، لأنَّ الميزان الذي لا يختلف هو الكتاب والسنة، أما الرأي فيختلف، الإنسان يرى رأياً اليوم وغداً يبدو له شيء آخر، ما يلتزمه في كل كلمة، يلتزمه إذا جاء في التعريف، يلتزمه إذا جاء في الوصف ثُمَّ يخالفه في سَنَنْ كلامه وهكذا.
ولهذا بعض أهل البدع حتى في مسائل الصفات، إذا جاؤوا يتكلمون مثلاً عن الاستواء على العرش، لو تَحَقَّقَ هو من نفسه لوجد أنَّ نفسه تغلبه إلى أنَّ الله - عز وجل - مستوٍ على عرشه بذاته بائنٌ من خلقه حتى وهو يتكلم فيها.
لكن إذا أراد أن يُقَرِّرْ المسألة ذهب إلى ما تَعَلَّمَهُ فَثَمَّ فرق مابين الشيء الفطري وهو التسليم لكلام الله - عز وجل - وكلام رسوله وما يأتي في باب التعليم تارَةً.
ولهذا نبهناكم مراراً إلى غلط قول من يقول إنَّ أكثر المسلمين أشاعرة أو أكثر المسلمين ليسوا من أهل السنة والجماعة، وإنما أكثر المسلمين أشاعرة، أو أكثر المسلمين ماتريدية أو نحو ذلك، والقليل هم من يتبعون منهج السلف الصالح، هذا غلط كبير.
بل أكثر المسلمين في المسائل الغيبية على الطريقة المرضية، لكن ليس أكثر العلماء؛ لأَنَّ العلماء هم الذين عندهم ما يخالف ظاهر الكتاب والسنة، وما يُخالف الفطرة، أما لو تسأل أي عامي في البلاد التي هي بلاد لنصرة المذاهب المخالفة لطريقة السلف، إما للأشعرية والماتريدية بحسب اختلاف البلدان وتأخذ عامي وتسأله عن الاستواء على العرش، ما يستحضر إلا ما يدل عليه الظاهر وما يؤمن به، إلا إذا أتى أحد من العلماء وعَلَّمَهْ أَنَّ هذه تأويلها كذا وكذا، فيذهب إلى كلام العالم.
والإيمان بالظاهر في الصفات ما يستحضر أَنَّ الله لا يُوصَفْ بالرحمة، ما يستحضر أنَّ الله لا يوصف بالرضا.
لو تسأل عامي: هل الله يرضى؟
يقول: نعم الله يرضى، في القرآن.
هل الله يغضب؟
يقول: نعم يغضب.
فلذلك عامة الناس حتى في مسائل الإيمان، العمل، لو تسأل عامة الناس: هل العمل من الإيمان؟
أكثر المسلمين يقولك نعم العمل من الإيمان، كذلك مسائل القَدَرْ ما عندهم مبحث الجبر ولا يعرفون الجبر الداخلي لا الظاهري الذي هو الكسب عند الأشاعرة، هذه مسائل مُخَالِفَة للفطرة ومخالفة لظاهر النصوص، والناس لا يستوعبونها إلا بالدرس والتعليم.
ولهذا مِيْزَةْ هَدْيْ السلف الصالح ومِيْزَةْ طريقة أئمة الحديث أنَّهُم على ظاهر القرآن والحديث، وهذا هو الذي يسع الذكي والبليد والعامي وغير العامي والعالم وغير العالم، يسع الجميع لأنها سهلة ميسورة، وإنما فصَّلنا في المسائل وكَثُرَ الكلام لأجل كثرة المخالفين وحماية للشريعة.
مثل الإعداد بالسلاح، عندنا مال كثير نحتاج فيه إلى بناء مساجد فنذهب نبني المساجد لكن إن دَهَمَنَا عدو وَجَّهنَاه في العدو، أَخَّرْنَا بناء المساجد لأن لا يقضي ما هو موجود من الدين والمساجد.
فلهذا النفوس، نفوس المسلمين هي على ظاهر الكتاب والسنة ما عندهم التأويل والعقلانيات إلخ.
فأكثر المسلمين على طريقة السلف في الاعتقاد.
لكن، أما العلماء فهذه هي المصيبة هم الذين تعلموا، منذ نشؤوا دخلوا في مدارس تعلمهم الأشعرية بقوانينها، دخلوا في مدارس تعلمهم دين الخوارج أو دين الرافضة أو إلخ، فأخذوا منها شيئاً فشيئاً بالتعليم وبالقصد، ولهذا كما جاء في الحديث: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه» [2] .
المقصود من ذلك أنَّ المُعَلِّمْ قد يكون أعظم من الأبوين في التأثير أو المربي أو الذي تخالط.
ولهذا احرص تمام الحرص على أن يسلم القلب من مخالفة الكتاب والسنة في الاعتقاد.
الأعمال والذنوب فهي على باب الغفران كما قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
فَوَالله مَا خَوْفِي الذُّنُوبَ فَإِنَّهَا ******* لَعَلَى سَبِيلِ الْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ
لَكِنَمَا أَخْشَى انْسِلاَخَ الْقَلْبِ مِنْ ****** تَحْكِيمِ هَذَا الْوَحْيِ وَالْقُرْآنِ
تحكيمه ليس معناه الدولة اللَّتي تُحَكِّمْ فقط، لا أنت أيضا تُحَكِّمْ الوحي والقرآن في المسائل، تعتقد ما في القرآن وتعتقد ما في السنة.
فالمقصود من ذلك أنَّ الإشكال الذي وقع فيه الطحاوي يُبَيِّنُ لك أَنَّ بعض العلماء حتى من الذين ربما أصَّلُوا شيئاً مُخَالِفاً للسنة، مثل ما أصَّلْ في مسألة الإيمان شيئاً وبَيَّنَا عدم صحت ذلك هو يُخالفه.
نحن نقول إشكال، لكن هو في الواقع مُخَالف وهو الصحيح أَنَّ حب الصحابة إيمان وحب الصحابة عمل القلب وأَدْخَلَهْ في الإيمان، حب الصحابة إيمان، خلاص واضح أنَّ هذا العمل إيمان.
ولهذا قال الشارح: وهذه الكلمة مُشْكِلَةْ على أصل الشيخ. كما ذكره السائل.
س[2]/ هل تُقاس الرؤية الصالحة على الكرامة؟ أي هل هي من الكرامة أم لا؟
ج/ الرؤية الصالحة ليست أمراً خارقاً للعادة، الرؤية الصالحة تحصل لآحاد الناس ليست خارقة لعادة البشر ولا لعادة بعض الجن، فهي رؤية يَضْرِبُهَا الملك، فهي رؤية صالحة وليس لها دخل في الكرامات.
أمَّا وهل هي مما قد يحتاج إليه المؤمن أو لا؟
لا، المؤمن لا يتعلق قلبه بالرُّؤَى، إذا رأى رؤية صالحة حَمِدَ الله - عز وجل - ولازَمَ الطاعة حتى لا يفتتن، وإذا رأى رؤية لا تسره أو فيها سوء بالنسبة له فيعمل ما أَوْصَى به النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ينفث عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله - عز وجل - من شرها وينقلب على جنبه الآخر، فإنها لا تضره.
س[3]/ هل العاصي يُعْطَى كتابه بيمينه أم بشماله؟
ج/ العاصي يُعْطَى كتابه بيمينه، أما الذي يُعْطَى كتابه يوم القيامة بشماله فهو الكافر، يُعْطَى كتابه بشماله وراء ظهره، أما المؤمن فيُعْطَى كتابه باليمين سواءٌ أكَانَ من السابقين أم من المقتصدين أم ممن ظلم نفسه، ثم يأتي بعد ذلك الحساب والوزن ثم تأتي الْمُجَازات.
س4/ هل تصح هذه العبارة: كرامات الأولياء معجزات الأنبياء، ومعجزات الأنبياء كرامات الأولياء؟
ج/ يعني ما أدري من اللي قالها، ولكنها عبارة حلوة: كرامات الأولياء معجزات الأنبياء. لو قال كرامات الأولياء معجزاتٌ للأنبياء أو كرامة الولي معجزةٌ للنبي، يعني من حيث الجنس فربما صَحَّتْ، يعني باعتبار جميع الأولياء، كرامات جميع الأولياء ما حصلت لهم إلا باتِّبَاعِهِم لهذا النبي، فكل أنواع الخوارق التي حصلت للولي الأول والولي الثاني والعاشر والمائة، كل أنواع هذه الخوارق والكرامات في مجموعها هي معجزة للنبي؛ لأنها ما حصلت لهم إلا بالإتباع، قال: ومعجزات الأنبياء كرامات الأولياء. هذا عكس الكلمة السابقة، فهي إيضاحها على ما ذَكَرْتُ لك، إذا كان المقصود أنَّ كرامات جميع الأولياء هي معجزة وآية وبرهان للنبي الذي تابعوه، فهذا صحيح.
نكتفي بهذا القدر ونراكم إن شاء الله على خير حال، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلّم على نبينا محمد (3) [1] قال الطحاوي رحمه الله: وَحُبُّهُم دِينٌ وإيمَانٌ. [2] سبق ذكره (220) [3] نهاية الشريط السابع والأربعين.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح الجزء : 1 صفحة : 686