responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 566
[المسألة الثانية:]
قول أهل السنة إنَّ العبد فِعْلُهُ مخلوق لله - عز وجل - استدلوا له بـ: -أدلةٍ نقلية. و -أدلة عقلية.
$ أولاً: من الأدلة النقلية:
قوله تعالى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد:16، الزمر:62] وهذا عموم لأنَّ كلمة {كُلِّ} في الأصول من الألفاظ الظاهرة في العموم، وهي في عموم كل شيء بحسبه.
فهنا لم يدخل في ذلك صفات الرب سبحانه وتعالى، يعني الله - عز وجل - وذاته وصفاته لم تدخل لأنه سبحانه ليس بمخلوق بذاته وصفاته وأفعاله - جل جلاله -؛ لأنَّ المخلوق حَادِثْ والله - عز وجل - مُتَنَزِّهٌ عن أن يكون حادثاً بل هو - عز وجل - هو الأول والآخر والظاهر والباطن.
ويُسْتَدَلْ أيضاً لهم بقوله تعالى في قصة إبراهيم {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الجاثية:96] .
والعلماء يبحثون كلمة {مَا} هنا {مَا تَعْمَلُونَ} هل {مَا} هنا مصدرية أو موصولة بمعنى الذي؟ (1)
- فقالت طائفة {مَا} هنا مصدرية فيكون المعنى: والله خلقكم وعملكم.
فعند هؤلاء واضح الاستدلال بأنّ العمل مخلوق لله - عز وجل -.
- وقال آخرون وهم أحظى بالتحقيق أنَّ {مَا} هنا ليست مصدرية بل بمعنى الذي فتقرير الآية: والله خلقكم والذي تعملون.
@ فمن قال إنها مصدرية وليست موصولة ففيه ضعف من جهة أنَّهُ احْتَجَّ عليهم في عبادتهم لَِما نُحِتَ، فقال - عز وجل - في قول إبراهيم في سورة الصافات صلى الله عليه وسلم {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:95-96] ، فإذا كانت مصدرية صار المعنى: والله خلقكم وعملكم.
وعَمَلُهُمْ إيش؟
النحت.
فيصير معنى الكلام والله خلقكم ونحتكم وهم لم يعبدوا النحت إنما عبدوا المنحوت.
@والقول الثاني إنها موصولة أوضح في الاستدلال وموافق لقصة إبراهيم الخليل عليه السلام {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} يعني والذي تعملون، والاستدلال على هذا واضح وهو موافق للسياق.
وتقدير {مَا} بمعنى الذي أفاد فائدتين:
- الفائدة الأولى: أنَّهُ موافق لقوله {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} والذي يعملون هو ما ينحتون وهي الأصنام؛ يعني يقول: أنَّ الله خَلَقَكُم وخلق الأصنام التي تعلمونها.
- الفائدة الثانية: أنه في إثبات هذا إثبات أنَّ الأصنام هذه التي عملوها أنها مخلوقة أيضاً؛ لأنهم مخلوقون، قال {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ} وخَلْقُهُمْ يشمل خلق ذواتهم وخلق تصرفاتهم، فرجع الأمر إلى أنَّ هذه الأصنام التي تعملونها مخلوقة لله وأيضاً هي عملكم الذي هو مخلوق لأنكم مخلوقون.
فتحصَّلَ من هذا القول أنَّهُ مناسبٌ للسياق، ويشمل خلق الأصنام والاحتجاج عليهم بعبادتها -يعني في عدم عبادتها- وكذلك فعلهم لذلك.
$ ثانياً: من الأدلة العقلية:
أنَّ الفعل لا يكون -مثل ما ذكرنا- إلا: بقدرةٍ وإرادة.
وقدرة العبد لم يخلقها هُوَ وإنما خلقها الله.
والإرادة نفسها، وجودها في العبد لم يخلقها هو وإنما خلقها الله.
ثم الثالث وهو مشيئة الله.
هذه الثلاث يحصل بها الفعل، والأول والثاني مخلوقة لله - عز وجل - والثالث هو فعل الله - عز وجل - مشيئته صفته سبحانه وتعالى.
فإذاً ما ينتج عنها يكون مخلوقاً.
فإذا كان العَمَلْ حَصَلَ بقدرة وإرادة، والقدرة مخلوقة والإرادة مخلوقة إذاً فالعمل مخلوق.
وهذا استدلالٌ عقلي صحيح وهو موافق للأدلة.
أما كلام المعتزلة والرد عليهم فله مكان آخر لأنَّ المقام يضيق عن بسطه.

(1) سبق ذِكْرُ هذه المسألة (231) وكذلك (241)
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 566
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست