responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 526
[المسألة الرابعة] :
الروح والبدن ذكر العلماء أن لها أربعة [1] أنواع من التعلق وهو:
1- أنَّ الروح تتعلق بالبدن قبل الولادة وبعد نفخ الروح: وهذا التعلق ناقص ليس للروح فيه إدراكات ولا إحساس، ولهذا الجنين في بطن أمه لا يحصل له بكاء ولا ضحك، إلى آخره من الأشياء التي يُسْتَدَلُّ بها على حصول الإحساس عنده في روحه حيث تعلقت ببدنه.
2- تعلق الروح بالبدن بعد الولادة: والروح تَتَنَمَّى معلوماتها وإدراكاتها مع الزمن، وتوحيدها وضِدُّهُ والشرك مع الزمن، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، إذا صُرف عن الفطرة فإنه يكون بالتعليم يَتَنَمَّى هذا في الروح، والبدن يتبع الروح في ذلك، فعنده من الاستعداد ما عند الروح فهو كالآلة وبينهما تَعَلُّق كبير؛ لكن الحياة المحسوسة للبدن من جهة النماء والاستعدادات إلى آخره والرُّوحُ هنا تبعٌ له.
3- تعلق الروح بالبدن في البرزخ: الحياة البرزخية بعكس الحياة الدنيا؛ لأنَّ الروح هنا اكتملت، والبدن في انتهاء، وأما الروح فقد اكتملت، فالحياة للروح والبدن تَبَعْ؛ يَتْبَعُ الروح فيما يختص بالروح، فإذا تَنَعَّمَتْ الروح وَصَلَ إلى البدن من النعيم، وإذا تَنَعَّمَ البدن يحصل ويصل إلى الروح النعيم أو العذاب، ولك أن تقيس ذلك بالحياة الدنيا فإنه في الدنيا يحصل العذاب والنعيم للروح والبدن لا يصيبه ظاهراً عذاب أو نعيم؛ لكن يصل إليه لأجل تَعَلُّقْ الروح به والحياة في البرزخ للروح والبدن تبع؛ لأجل أنَّ النماء لا يكون للبدن بل يكون إلى زوال والروح مُسْتَقرُّها عند رب العالمين.
4 - تعلق الروح بالبدن في الحياة الأخرى: وهي أنَّ الحياة للروح والبدن جميعاً في أكمل تَعَلُّقْ بحيث إنَّ الروح كاملة للبقاء والبدن كامل للبقاء، لا يعطب البدن بحيث يَفْنَى ولا تعطب الروح، فالحياة بينهما كاملة والتَّعَلُّقْ أكمل ما يكون، ولهذا في الحياة الآخرة النعيم والعذاب يقع على هذا وهذا في أكمل حال.
وقد جاء عن بعض السلف في ذكر العذاب أنَّ الروح والجسد اختصما يوم القيامة عند الحساب.
فقال الجسد للروح: أنْتِ أمرتني بالشر، ونهيتني عن الخير.
وقالت الروح للجسد: لو لم تفعل لما صار عليك العذاب.
فاختصما إلى المَلَكْ، فقال: المَلَكْ إنما مثلكما مثل رجلين أعمى لا يَرَى، ومُقْعَدْ لا يستطيع القيام، أتيا على بستان فيه من الثمار، فقال: المُقْعَدْ إني أرى كذا وكذا من الثمار ولكني لا أستطيع الوصول إليه.
وقال الأعمى: إني لا أرى شيئاً ولكني أستطيع الوصول إليه إنْ أرشدتني.
قال له المقعد احملني: وأنا أتناول لي ولك، فالعمل صار بينهما جميعاً.
قال الملك: فكذلك أنتما فلوما حالكما.
وهذا واقع؛ لأنَّ حقيقة الروح والبدن في تَعَلُّقِهِما لا يعلم مداه إلا رب العالمين؛ لهذا وجب التسليم لما دَلَّتْ عليه النصوص في حال الروح وفي حال البدن وفي تَعَلُّقِ هذا وهذا دون أخْذٍ بما يدل عليه العقل المخطئ.

[1] قال الشارح في شرحه للطحاوية بتحقيق أحمد شاكر صفحة 395: فالروح لها خمسة أنواع من التعلق، متغايرة الأحكام:
أحدها: تعلقها به في بطن الأم جنينا.
الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض.
الثالث: تعلقها به في حال النوم، فلها به تعلق من وجه، ومفارقة من وجه.
الرابع: تعلقها به في البرزخ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها إليه إلتفات البتة، فإنه ورد ردها إليه وقت سلام المسلم، وورد أنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه وهذا الرد إعادة خاصة، لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيمة.
الخامس: تعلقها به يوم بعث الأجساد، وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن، ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه، إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا، فالنوم أخو الموت.
فتأمل هذا يزح عنك إشكالات كثيرة.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 526
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست