responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 45
لَا تَبْلُغُهُ الْأَوْهَامُ، وَلَا تُدْرِكُهُ الْأَفْهَامُ، وَلَا يُشْبِهُ الْأَنَامَ، حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لَا يَنَامُ، خَالِقٌ بِلَا حَاجَةٍ، رَازِقٌ بِلَا مُؤْنَةٍ.

هذه الجمل التي سمعنا من هذا المتن العظيم -الذي هو متن العقيدة الطحاوية- متصلة بما قبلها، والكلام فيما تقدَّم كان عن وصف الله - عز وجل - بصفات الكمال ونعوت الجلال والجمال.
فقال رحمه الله تعالى في وصفه سبحانه وتعالى (لا تَبلُغُه الأوْهَامُ، ولا تُدْركُهُ الأفْهَامُ، وَلا يُشْبِهُ الأنَامَ) وهذه كما ذكرنا لك فيما سلف عامة في جميع الصفات وأنّ صفات الحق - عز وجل - لا تشبه صفات الأنام بالقيد الذي ذكرناه لك مُفَصَّلَاً فيما سلف.
وبعدها ذَكَرَ جملة من ما يُفارق به وصف الله - عز وجل - صفة المخلوق فقال بعد قوله (وَلا يُشْبِهُ الأنَامَ) (حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لا يَنَامُ، خَاِلقٌ بِلا حَاجَة، رَازقٌ بلا مَؤُونَة، مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلا مَشَقَّةٍ) .
وهذه الصفات هي صفاتٌ وأسماء للحق - عز وجل -، فإنّ صفة الحياة ثابتةٌ له - عز وجل -، وكذلك صفة القيومية وصفة الخلق والرَّزق والإماتة والبعث له سبحانه.
وهو سبحانه المحيي والحي وهو القيوم - عز وجل - كما قال سبحانه {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة:255] ، وكما قال {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران:1-2] ، وكذلك صفة الخَلق وصفة الرَّزق وغير ذلك من الصفات.
فأسماء الله - عز وجل - كما هو معلوم مشتملة على صفات، وصفات الحق - عز وجل - مباينة لصفات المخلوق من جهات:
1 - الجهة الأولى: أنّ الرب - عز وجل - يتصف بالصفة على وجه الكمال، والمخلوق يتصف بالصفة على وجه النَّقص.
2 - الجهة الثانية: أنَّ الرب - عز وجل - صفاته متلازمة؛ لأنه سبحانه له الكمال المطلق، وله الصفات العُلا الكاملة من كل وجه، وأما المخلوق فصفاته غير متلازمة بل قد يكون فيه جملة من صفات النقص، ويكون ثَمَّ فيه بعض الصفات التي هي كمال في حقه، وإن كانت في الجملة لا يتصف بها إلا لنقصٍ فيه.
3 - الجهة الثالثة: أنّ اتصاف المخلوق بالصفات وإن كان في أصل المعنى مشتركة مع صفات الحق - عز وجل - لكنه اتصف بها على وجه الحاجة إليها، وأما الرب - عز وجل - فهو متصف بصفاته لا على وجه الحاجة إلى آثار الأسماء والصفات؛ فمثلا المخلوق يُقدِّرُ أو يُقِيْمُ الأشياء لحاجته، ويخلق ما يخلق لحاجته، والله سبحانه وتعالى (خَاِلقٌ بِلا حَاجَة) ويَهَبُ المخلوقُ ويَرْزُقُ لحاجته، والله سبحانه وتعالى يهب ويرزق ويُعطي وهو الغني - عز وجل - {أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15] ، وهكذا في بقية الصفات.
فإذاً اتصاف المخلوق بالصفات التي يشترك فيها من حيث أصل المعنى مع الرب - عز وجل - هو اتصاف على سبيل النقص، وهذا الاتصاف مع ضَمِيْمَةِ ما سبق أنْ ذكرنا لك فيما سلف لا يشبه فضلا أن يماثل صفات الرب - عز وجل -.
لهذا فصَّل الطحاوي رحمه الله بعد قوله (وَلا يُشْبِهُ الأنَامَ) بعض صفات الحق - عز وجل - التي يتصف بها وفارق بها صفة المخلوق الذي ربما اتصف بتلك الصفات.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست