اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح الجزء : 1 صفحة : 392
[المسألة الثالثة] :
الجَحْدْ من الكلمات التي استُعْمِلَتْ في القرآن والتي جاءت في القرآن، ولها دلالتها في لغة العرب.
- فَدِلالة الجحد في اللغة: الجحد هو الرد والإنكار، جَحَدَ الشيء يعني رَدَّهُ أو أنْكَرَهُ، هذا من جهة اللغة
فيجتمع في اللغة مع التكذيب بالشيء ظاهراً أو مع التكذيب به باطناً.
- وأما في القرآن: فإنَّ الله - عز وجل - ذكر الجَحْدْ في عدة آيات، وبيَّنَ أَنَّ الجَحْدَ قد يجتمع مع التكذيب وقد لا يجتمع مع التكذيب، قال - عز وجل - في سورة الأنعام في وصف المشركين {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنبياء:33-34] فدل على أنهم لم يُكَذِّبُوا وجَحَدُوا.
ولهذا حقيقة الجحد عند أهل السنة والجماعة مرتبطة بالقول لأجل هذه الآية قال {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} يعني باطناً {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} يعني ظاهراً، وهذا مرتبط بالقول لأنهم رَدُّوا على النبي صلى الله عليه وسلم.
والخوارج ذهبوا إلى أنَّ الجحد يكون بالقول وبالفعل معاً، فعندهم أنَّ الجحد يكون بالقول كقول أهل السنة، ويكون أيضاً بالفعل فيدُلُّ الفعل على جحده.
* وهذا خلاف ما أَجْمَعَ عليه أهل السنة والجماعة من أنَّ الجحد ليس مورده الفعل؛ لأنَّ الفعل مُحْتَمِلْ يَدْخُلُهُ التأويل ويَدْخُلُهُ الخطأ ويَدْخُلُهُ أشياء كثيرة، وأما القول فإنه يقين وواضح؛ لأنّه دخل في الإيمان بالقول -بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله-، فلا يخرُجُ منه إلا بجحودِ ما أدخله فيه، وما أدخله فيه كان قولاً أعلنه، وجَحْدُ ما أدخله فيه هو رَدُّهُ وتكذيبه أو إنكاره لما دخل فيه.
وهذه الكلمة كلمة الجحد من الكلمات التي يَحصُلُ فيها خلط وخَلَلْ، والواجب الرُّجوع في فهمها إلى دلالة الكتاب والسنة وإلى ما أجمع عليه سلف الأمة.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح الجزء : 1 صفحة : 392